مجموعة من القياديّات النسويّات والشباب يؤكدن على أهميةَ مواصلة الحوار النسوي بين مختلف النساء الفلسطينيات لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية

يوجد ملف مرفق
attach_fileتحميل الملف

الخميس 13 تموز 2023

أكدت مجموعةٌ من القياديّات النسويّات الفلسطينيّات من مختلف التوجّهات الفكريّة والسياسيّة أهميةَ مواصلة الحوار النسوي بين مختلف النساء الفلسطينيات، بما يساعد على توفير رؤيةٍ نسويّةٍ توافقيّةٍ ضاغطةٍ تدفع باتجاه توفير الظروف والعمل المشترك الذي يساعد على إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية.

جاء ذلك خلال لقاء طاولة مستديرة، عقدته جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، بعنوان "اتفاقيات المصالحة من منظور نسوي"، والذي ضمّ قيادات نسوية من الأحزاب السياسية وناشطات وناشطين شباب في قطاع غزة. وقد هدف اللقاء الى تسليط الضوء على أهمية دور النساء في المصالحة وفق منظور يعزز المشاركة السياسية للمرأة، ويعمل على النهوض بواقع المرأة في المشاركة في الحيّز العام.

واستهلت الجلسة، التي أدارتها الناشطة الشبابية المحامية ناريمان حلس، بالترحم على شهداء جنين، والحديث عن دور جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية في بناء قدرات النساء والشباب والشابات في مجال التمكين السياسي، وخلق قنوات للحوار لتوسيع مساحات التوافق بشأن القضايا الخلافية.

بدوره أشار أ. ياسين ابو عودة ممثل جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، لمجموعة من الأنشطة التي سوف تقوم الجمعية بتنفيذها خلال الفترة المقبلة لتعزيز دور النساء في جهود المصالحة، والتي تتضمن سلسلة من الاجتماعات واللقاءات مع الشباب والشابات وصناع القرار، وتنفيذ أنشطة تدريبية لتأهيل الشبّان والشابات لتدريب متدرّبين/ـات آخرين وأخريات، إلى جانب تمكينهم وتطوير مهاراتهم في التفاوض وتعزيز مهارات القيادة، وتطوير أوراق سياساتية حول المصادقة على عمل العدالة الانتقالية ضمن عملية المصالحة، وأخرى حول انهاء الانقسام والمصالحة الوطنية.

الناشطة السياسية أ. هدى عليان، من حزب فدا في قطاع غزة تحدثت خلال اللقاء عن التداعيات الخطيرة لاستمرار الانقسام لأكثر من 16 عام على النسيج الفلسطيني، خصوصاً على النساء والشباب، مما يشكل تهديدا لفرص استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية. وتطرقت عليان لأهم جولات الحوار الفلسطيني بين طرفي الانقسام، من اعلان صنعاء 2008 واتفاق القاهرة 2009، واتفاق الدوحة بقطر2012 واتفاق الشاطئ 2014، واتفاق بيروت 2017 ولقاءات موسكو 2019، وأخيرا اتفاق الجزائر 2022، وأشارت الى أن جميع هذه الحوارات والاتفاقيات، قد فشلت لأسباب داخلية وخارجية.

أما بخصوص نسبة تمثيل واشراك النساء في اتفاقيات المصالحة، أشارت عليان أنها اقتصرت على مجموعة من القيادات النسوية مثل (د. مريم ابو دقة عن الجبهة الشعبية، و د. فيحاء عبد الهادي وهي مستقلة، وفوزية جودة عن الجبهة العربية الفلسطينية، وزهيرة كمال ورتيبة النتشة وسهام البرغوثي عن حزب فدا، وماجدة المصري عن الجبهة الديمقراطية، وراوية الشوا مستقلة. ناهيك على أن هذا التمثيل كان شكليا، حيث لم يكن له أي تأثير. فمثلاً، في حوار الجزائر، شاركت 4 نساء فقط في مرافقة الوفود وليس ضمن الوفود الرسمية، حتى أن المرأة لم تظهر في صور الجلسات الختامية للحوار.

بدورها أكدت أ. نجاح البطنيجي، المتحدثة عن حركة حماس على أن تحقيق المصالحة الوطنية مطلب ضروري وعاجل لأن الخلاف يؤدي الى الضعف والفشل. كما أشارات البطنيجي الى خطورة الواقع الذي نعيشه اليوم وما تمر به القضية الفلسطينية من الهجمة الشرسة على أهلنا في جنين والقدس وغزة، الأمر الذي يستدعي منا جميعا أن نتوحد. وقالت البطنيجي: "اننا  في حركة حماس نعمل على توفير الأجواء ودعم الصالح الوطني مع كافة الفصائل على اختلافها، فقرارنا واحد". وأكدت بنهاية حديثها على ضرورة الدفع بعجلة المصالحة بمختلف الطرق والأساليب، لمعالجة الانقسام وأثاره السلبية.

وأشارت أ. منتهى الكحلوت المتحدثة عن حركة فتح، الى أن المرأة الفلسطينية عانت من مرارة الانقسام الفلسطيني أضعاف مضاعفة من الاحتلال الإسرائيلي، وأشارت الى أن جميع الحوارات الوطنية جمعت الفصائل الفلسطينية، واستبعدت المشاركة النسوية الأساسية ضمن وفود الحوار والنقاش وكأن المفاوضات في الشأن الفلسطيني حكر على الرجال فقط.

تقول الكحلوت: "على الرغم من الدور الكبير والواضح للمرأة الفلسطينية في النضال، حيث قال فيها الرئيس الراحل أبو عمار انها حارسة نارنا وحامية ديارنا، إلا انها قوبلت بالتجاهل وعدم المشاركة. لذلك يجب على كافة المؤسسات الحكومية والغير حكومية اشراك المرأة الفلسطينية في كافة القضايا المتعلقة بهموم ومشاكل هذا الوطن وعدم استغلال صوتها في الانتخابات فقط".

بدورها أشارت أ. باسمة البسوس المتحدثة عن حركة الجهاد الإسلامي، الى أن ملايين الفلسطينيين والفلسطينيات الذين/اللواتي يعيشون داخل الوطن وفي الشتات، نصفهم/ـن مقسم ما بين قطاع غزة والضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948، والنصف الاخر موزع على شتى بقاع الأرض، وهم منقسمون من الناحية العقائدية والمذهبية، وما بين تيارات وأحزاب وفصائل مختلفة.

كما أكدت البسوس: "إن كل فصيل صاحب نهج وسياسة خاصة به، يختلف بالنهج النضالي عن غيره، ومن الطبيعي ألا يضر ذلك التنوع في أشكال النضال والمقاومة ضد المحتل، حتى حدث الانقسام عام 2005 وانشق على إثره شقي الوطن وباتت القضية الفلسطينية في خطر داهم نتيجة هذا الانقسام الذي لم يقدم للشعب الفلسطيني الا الويلات والعذابات".

وتضيف البسوس: "نحن في حركة الجهاد الاسلامي منذ اللحظات الاولى للانقسام نرفضه ولم ننحاز لأي طرف دون الاخر، بل حاولت حركة الجهاد الاسلامي ممثلة بأمينها العام السابق رحمه الله الشيخ رمضان شلح من خلال عدة مبادرات للحيلولة دون استمراره وبقائه الا ان جميع المحاولات باءت بالفشل وكانت تواجه العديد من العقبات".

وأكدت البسوس أنهم كإطار نسوي وجزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني وبقلب يتمنى إعادة أواصر المحبة بين أطراف الانقسام، ترى أن الخروج من هذه الحالة يتطلب العديد من الإجراءات، منها تجنب المصالح الشخصية والعمل الجاد من أجل الوطن واجراء الانتخابات بشكل نزيه.

ثم تم فتح باب النقاش للمشاركين والمشاركات، حيث تم التطرق لعديد من المواضيع، منها أسباب عدم تنفيذ اتفاق الشاطئ، والطرق والوسائل لإنهاء الانقسام، ومعيقات اتمام المصالحة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وقدرة القيادات النسوية على النهوض بدور المرأة لتكون في مراكز صنع القرار، والخطوات العملية لتشكيل مجموعات تعمل على تعزيز دور المرأة وتمكينها.

وقد خرج الاجتماع بمجموعة من التوصيات، تمثلت بضرورة توسيع الضغط الشعبي لإنهاء الانقسام بما في ذلك كافة شرائح المجتمع الفلسطيني، وإنهاء حالة التراشق الإعلامي بين طرفي الانقسام والقضاء على خطاب الكراهية بينهما، والتعاون والتنسيق المؤسساتي الحكومي والغير حكومي لإنهاء الانقسام واجراء الانتخابات، وزيادة الفعاليات واللقاءات بين كافة الفصائل الفلسطينية، وعمل لقاءات مع صناع القرار بالدرجة الأولى لإشراكهم بذلك، والضغط على الأمناء العامون في اجتماع القاهرة في جلسات الحوار، وإصلاح مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية من خلال الانتخابات بإشراك حركة الجهاد الاسلامي وحماس فيها، وتأهيل جيل شاب من الأحزاب السياسية من أجل الوصول لمراكز صنع القرار، والعمل على المصالحة المجتمعية من خلال إيجاد شخصيات مستقلة تلقى قبول في المجتمع، ومواصلة الحوار النسوي بين مختلف النساء الفلسطينيات، بما يساعد على توفير رؤيةٍ نسويّةٍ توافقيّةٍ ضاغطةٍ تدفع باتجاه توفير الظروف والعمل المشترك الذي يساعد على إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية.

يذكر أن مشروع "النهوض بحقوق المرأة من خلال تنفيذ اتفاقيات السلام في فلسطين (اتفاقيات المصالحة)"، الذي تنفذه جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، والممول من الوكالة النرويجية للتعاون الإنمائي من خلال مؤسسة كرامة، يسعى إلى المساهمة في منع النزاعات وحلها من خلال مشاركة المرأة في أعمال السلام والأمن، وتعزيز حقوق الإنسان واحتياجات وأولويات الرجال والنساء في المناطق المتأثرة بالنزاع المسلح تحت الاحتلال، ومشاركة النساء بإنهاء الانقسام والوصول إلى المصالحة الوطنية.