ورقة حقائق تحليلية - فعالية عضوات منتخبات في المجالس المحلية
مقدمة
مع اقتراب موعد إجراء المرحلة الأولى من انتخابات الهيئات المحلية الفلسطينية المصنفه "ج" والتي ستجري في الحادي عشر من كانون الأول 2021 القادم، استناداً إلى قرار مجلس الوزراء الفلسطيني رقم 18/21، تعود إلى الواجهة مسألة المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية ووجودها ودورها في مراكز صنع القرار، خاصة وأن هذه الانتخابات وان كانت ستعقد على مراحل وبشكل جزئي، تبعث بصيص أمل لاشاعة الحياة الديمقراطية المعطلة والمفقودة في الحالة الفلسطينية المعروفة اسبابها والتي لا داعي للخوض فيها وان كان الانقسام والتفرد والفئوية وتغول السلطات التنفيذية أهم تلك الاسباب.
ومن جهة اخرى لان انتخابات الهيئات المحلية من حيث الاهمية تأتي في الدرجة الثانية بعد التشريعية شمولاً وتعبيراً عن مشاركة كافة شرائح وفئات المجتمع على اختلاف مستوياتها، بما فيها المرأة وكافة المواطنين لممارسة حقهم في اختيار ممثليهم في خدمة مصالحهم الحياتية والاجتماعية والوطنية، وتجري وفق ذات السجل الانتخابي في جميع مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، باستثناء القدس الشرقية الواقعة تحت السيطرة الاسرائيلية والمخيمات التي تخضع لنظام خاص تحدده دائرة شؤون اللاجئين في م.ت.ف. الى جانب انها تشكل نموذجا ومقياساً للتوجهات السياسية حيث تشارك القوى السياسة بكل ثقلها وتوجهاتها فيها، مما يفتح مجالا أوسع للنساء لممارسة حقوقهن في المشاركة السياسية والمجتمعية وتبوء مكانتهن في مراكز صنع القرار.
ولكن قبل ذلك، لا بد من استعراض سريع ومختصر لماهية هذه الانتخابات واهميتها ودوريتها والتطورات التي جرت على صعيد مشاركة النساء فيها، ليتسنى لنا في هذه الورقة التحليلية القاء الضوء على هذه التجربة وتحدياتها والدروس والعبر المستفادة منها، من اجل المراكمة عليها بهدف زيادة نسبة تلك المشاركة تصويتا وترشيحا وعضوية وبشكل فاعل ومؤثر، وتقوية العضوات في مجالس الهيئات المحلية وتمكينهن وتعزيز مواقعهن ليصبحن رائدات تغيير وتأثير على التوجهات الاجتماعية، الى جانب قياس مدى فاعليتهن كقيادات (تحويلية) ومدى اشراكهن ومشاركتهن في التخطيط والتطوير لمجتمعاتهن المحلية من خلال عضويتهن في المجالس القروية والبلدية.
المنهجية
بما أن الهدف من هذه الورقة هو رسم خارطة طريق لمعالجة العديد من القضايا الهامة والجوهرية المتعلقة بالمشاركة السياسية والاجتماعية للمراة وإطلاق طاقتها وابداعها في انتاج الآليات المناسبة في تحسين فرصها في المشاركة في مواقع صنع القرار وتقوية دورها لخدمة وطنها ومجتمعها، ورغم ما يشبه التكرار وتناول العديد من الباحثين والمختصين والمؤسسات ذات العلاقة. فاننا نرى استمرار إخضاع الحالة الى استكمال وتعمُّد الفحص وفق آلية ومنهجية مقصودة ومركزة لتحقيق المعرفة بجوانبها المختلفة من خلال مراجعة الأدبيات والتجارب التي خاضتها النساء في هذا الحقل بهدف:
- إعطاء صورة واضحة ومختصرة عن ماهية الهيئات المحلية في فلسطين ودورها المحوري في الحياة المجتمعية والسياسية للشعب الفلسطيني من منظور المشاركة الجمعية فيها للطاقات البشرية بشكل عام ودور المراة كمكون اساسي بتشكيله نصف المجتمع بشكل خاص.
- تظهير التجربة بشكل مجرد وموضوعي، مع تسليط الضوء على الايجابيات وتجارب النجاح اولا لإعطاء حوافز للنساء والمؤسسات النسوية للمضي قدما في تحسين الأداء كما ونوعا لتعزيز هذه الايجابيات وتعظيمها باعتبارها خطوات متقدمة في الاتجاه الصحيح يجب استكمالها على قاعدة ما هو جيد وكيف يكون أفضل من خلال الاستماع لشهادات بعض العضوات ورأي مجالس الظل.
- مواصلة دراسة وتحليل المعيقات الموضوعية والذاتية في مسار التجربة التي كانت ولا زالت قائمة، واستشراف احتمالية ظهور ونمو أشكال جديدة لهذه المعيقات، حتى لا يتم الركون بان التجربة والزمن قد تجاوزها الواقع، بل لا يجوز الفتور او التراخي في مواجهتها، وكذلك تحديد ما تم الاعتراف به في المجتمع للمرأة ودورها في المشاركة واستمرار تحقيق الاعتراف الكامل ومواجهة التحديات والعقبات بوضوح.
- اعادة التركيز وصياغة الأولويات في الخطط القادمة استناداً الى تراكم الخبرات والممارسات الجيدة الناجحة استناداً لشهادات العضوات ممن عاركن التجربة وعركتهن ومقاربتها مع تجربة المرأة في مراكز القرار المختلفة ومنها مجالس الهيئات المحلية على وجه الخصوص. اعتمادا على التحليل والحقائق والمقابلات والشهادات والأدبيات السابقة.
السياق التاريخي لمشاركة المرأة في الحكم المحلي:
شهدت انتخابات الهيئات المحلية الفلسطينية منذ انشاء السلطة الفلسطينية حتى اللحظة، انتظاما نسبيا وشبه دوري، حيث عقدت لثلاث دورات من اصل خمسة منذ اقرار القانون الخاص بها، حيث عقدت في 2004-2005 بمشاركة كافة القوى السياسية باستثناء حركة الجهاد الاسلامي دون الدعوة لمقاطعتها وفي كافة المناطق، حيث بلغت نسبة التصويت بها 70.2% اي ما يقارب نسبة التصويت في الانتخابات التشريعية الثانية التي جرت في 2006 البالغة 77.2%، وبلغ عدد اصحاب حق الاقتراع حسب السجل الانتخابي 1,092,299 مع عدم استكمال مرحلتها الخامسة، حيث لم تجري في عدد من المدن الكبرى كغزة وخانيونس والخليل وطولكرم، إلا انها في 2012-2013 و 2017-2019 لم تجرى في قطاع غزة بسبب استمرار الانقسام، ورفض حركة حماس المسيطرة على حكومة الامر الواقع المشاركة بها ومنع اجرائها، وبلغت نسبة التصويت في كلاهما حوالي ال50%، وجرت في 338 هيئة محلية من اصل 407.
من الجدير ذكره ان الانتخابات للهيئات المحلية في دوراتها الثلاث آنفة الذكر؛ كانت جزئية وتجري وفق مراحل خلافا للقانون الفلسطيني الذي يؤكد شموليتها لجميع الهيئات المحلية وعقدها في يوم واحد مع بعض الاستثناءات البسيطة لدواعي قاهرة او موضوعية، وسبقتها فترة تعيين وتسيير اعمال طويلة من قبل وزارة الحكم المحلي 1996-2004 دون مبرر، كل ذلك حدَّ من سرعة دمج ومشاركة المرأة في الهيئات واللجان المحلية بسبب سياسة التعيين التي تنتهج في المجالس التي لا تجري فيها الانتخابات او لجان تسيير الاعمال التي تكلفها الجهات المسؤولة والتي غالبا ما تستثنى النساء من عضويتها او تكون في حدها الادنى. رغم انهن يشكلن 49% من عدد السكان، و48% من اصحاب حق الاقتراع، و43% ممن مارسن حق التصويت.
واذ تشهد الساحة المحلية حراكا سياسياً ومجتمعياً لاجراء انتخابات الهيئات المحلية في دورتها الرابعة 2021-2022، وهي ايضا ستجرى وفق نظام التدرج والتجزئة خلافا للقانون، وفي ظل استمرار الانقسام ورفض حكومة الواقع في غزة المشاركة فيها ومنع اجرائها كذلك، لتبقى المشاركة الشعبية منقوصة وفاترة خاصة بعد الغاء او تاجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني التي كانت مقررة في ايار وتموز واب الماضيين، الامر الذي القى بظلاله السلبية على مجمل الحياة الديمقراطية الفلسطينية ومن ضمنها الانتخابات المحلية بما تعنيه من مشاركة شاملة وحظوظ اكبر لمشاركة نسوية واسعة وضمن قوانين وقواعد وبيئة افضل، خاصة وأن قانون الانتخابات العامة قام بتعديل الكوتا عن طريق وجوب ادارج النساء في الثلاث الاولى من القوائم وأخرى في كل أربعة أسماء تليها بما رفع مشاركة المرأة إلى حوالي 25% من حجم العضوية.
المرأة في الحكم المحلي – بداية متأخرة ودور هامشي
جاء دخول المرأة لاول مرة في عضوية تلك المجالس خلال فترة التعيين بعد ان أصدر وزير الحكم المحلي في حينه د. صائب عريقات عام 1998 تعميماً يطالب تعيين امرأة واحدة على الاقل لعضوية الهيئات المحلية على اختلاف تصنيفاتها والتى كان عددها يقارب ال 500 هيئة ولكن بسبب العقلية السائدة في حينه والتعامل مع القرار بشكل مزاجي وشكلي حيثما طُبِّق، فلم يتم تعيين سوى 61 عضوة بدلا من 500 عضوة على الأقل؛ بسبب رفض معظم المجالس القروية والبلدية في حينه المُسَيْطر عليها من قبل الرجل لدواعي عشائرية وذكورية، وسرعان ما استقالت 7 عضوات منهن بسبب ضغوط عائلية او عمليات تهميش وتطفيش. اي ان النسبة جاءت اقل من 1.8%، فيما ارتفعت هذه النسبة الى حوالي 14% في انتخابات 2004-2005 لاسيما بعد اقرار نظام التمييز الايجابي للمرأة (الكوتا) وتعديلاته، وترشح لها 19% من النساء، والتي جاءت بجهود المؤسسات النسوية الفاعلة وحملة استنهاض مشاركة المرأة في الانتخابات بقيادة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية والقوى الديمقراطية والفئات المتنورة المناصرة لحقوق المرأة.
وفي انتخابات 2012-2013 ارتفعت نسبة ترشيح النساء إلى 25% ونسبة الفوز بالعضوية الى 21% بعد تعديل النظام الانتخابي باعتماد التمثيل النسبي الكامل والقائمة المغلقة، وبفعل استمرار الجهود النسوية الضاغطة والتجارب الناجحة للعضوات الفائزات بعضوية تلك المجالس وإثبات كفاءاتهن وأهميتهن فضلا عن الضرورة الموضوعية لتواجدهن في هذه الهيئات، ولكن هذه النسبة لم ترتفع سوى الى 21.1% في انتخابات 2017-2019 بسبب عدم تطبيق قرارات المجلس المركزي والوطني الفلسطينيين الصادر منذ عام 2015 بشأن رفع نسبة الكوتا الى 30%، اضافة الى استمرار الانقسام الفلسطيني وتراجع الحياة الديمقراطية وعودة النفوذ العشائري الموجود اصلاً بقوة الى الواجهة وضعف الثقة بالسلطة والاحزاب السياسية وتأثيرها لا سيما القوى الديمقراطية وقصورها.
التجربة وتحدياتها - قصص نجاح _ وعراقيل في الطريق
رغم ذلك توالت النجاحات والابداعات النسوية الفردية للكثير من عضوات المجالس والجماعية للمؤسسات النسوية على صعيد التمكين والتدريب لتحسين اداء المرأة الفلسطينية ودورها ومشاركتها الفاعلة في كافة اللجان المتخصصة في تلك المجالس والهيئات المحلية، حيث لم تعد مسالة مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار مسالة جدل او اعتراض من حيث المبدأ، الا ما ندر بعد اقرار القانون الخاص بالكوتا النسوية وانتزاع هذا الحق وترسيمه في القوانين والأنظمة التي كفلته واقرت به الى جانب التغيير البطيء والتطور المحدود في الوعي المجتمعي بشكل عام ولكن وبدرجة اعلى بكثير بايمان النساء باحقيتهن وواجبهن وتطوير كفاءتهن وقدراتهن للعب هذا الدور الذي دونه لا يمكن التقدم الذي يعتمد على ضرورة استغلال الموارد البشرية والطاقات الكامنة لا تهميشها ومصادرة حقوقها، واصبح الصراع ينصب على تحسين الشروط والنسب وتقييم الأداء والعطاء من منظور الكفاءة لا الجنس.
لا شك ان تجربة النساء في خوض غمار انتخابات المجالس المحلية قد احدثت رغم حداثتها ومحدوديتها نقلة نوعية على صعيد مشاركة المرأة الفلسطينية في مركز صنع القرار تعدت نطاق الرمزية او الشكلية وحتى الفردية كما كان ينظر لها من قبل المعارضين والمشككيين في دواعي مشاركتها او كفاءتها وأهميتها، فقد ضمت تلك المشاركة الى جانب الناشطات في المؤسسات النسوية والاحزاب السياسية عاملات في سلك التعليم ومهندسات وطبيبات ومهنيات وربات بيوت وشابات جامعيات لم يكن في السابق منخرطات في العمل العام، وأشارت الاحصائيات الى ان نسبة الحاصلات على درجة البكالوريس والماجستير من العضوات بلغت 77.5% والعنصر الشاب حتى سن 45 منهن 70% وهي نسب أعلى من تلك الخاصة بنظرائهن من الرجال، واثبتن حضورهن وفعاليتهن رغم المعيقات والعقبات الموضوعية والذاتية المقصودة منها وغير المقصودة. حيث اضطرت 25 عضوة إلى الانسحاب من الترشيح أو الاستقالة من العضوية بسب ضغوط عائلية وعشائرية او لأسباب تتعلق بالتهميش وعدم ملائمة البيئة الانتخابية واجواء الاجتماعات وآليات اتخاذ القرارات في المجالس بسبب المنطق الذكوري السائد فيها. حيث تم تسجيل 25 استقالة في 2005 و16 في 2012 اضافة الى 7 خلال فترة التعيين الاولى، الا ان ذلك لم ينل من عزيمة واصرار معظم العضوات في مواصلة مشوار العطاء والنجاح.
وفي لقاء اجريناه مؤخرا مع عدد متنوع من العضوات من مختلف مناطق الضفة الغربية ومن كافة مستويات المجالس المحلية وتصنيفاتها الإدارية أ، ب، ج لُمِسَ مدى التطور الذي أحدثته التجربة العملية على شخصية ودور هذه العضوة او تلك ومدى الوعي والخبرة المكتسبة من خلال التثقيف الذاتي وروح التحدي للمقولة السائدة بعدم ملاءمتهن لهذا الميدان، تقول "تمارا حداد" عضو بلدية البيرة انها وبعد فوزها بعضوية المجلس البلدي والذي جاء بناءً على رغبة عائلية قامت بعمل الماجستير في الحكم المحلي لتطوير معرفتها وادائها وتبوأت موقع مهم في لجنة العلاقات العامة وقسم البناء والتنظيم وغيرها من اللجان وشكلت منافس قوي لنظرائها بسبب كفائتها.
كما ساهمت حملات الدعم والإسناد ممثلة بالتدريب المتنوع والمتابعة الدؤوبة والاستشارات المقدمة من قبل منتدى النوع الاجتماعي في الحكم المحلي والمؤسسات النسوية ذات العلاقة أو من قبل وحدة النوع الاجتماعي في وزارة الحكم المحلي، مع التشجيع الذي تلقينه من أُسرهن الصغيرة، حيث اجمعت معظم المستطلعات من العضوات اللواتي تم التواصل معهن على اثر الدورات التدريبية التي تلقينها والنشرات الارشادية التي اقبلن وشاركن فيها باهتمام، الى جانب سعيهن الذاتي للالمام والمعرفة بطبيعة الادوار المنوطة بعضو الهيئة المحلية وعمل المجلس بلجانه المختلفة من اجل تعزيز معرفتهن واثبات كفاءتهن وجدارتهن في تبوء الموقع القيادي الذي رشحن له وفزن به، بعكس الأعضاء من الذكور الذين لا يأبهوا بالأمر، وبعضهم كان يستنكف عن حضور تلك التدريبات والدورات وخاصة تلك المتعلقة بالنوع الاجتماعي مع انهم الأكثر حاجة أحيانا لمثل هكذا تدريبات خاصة، بسبب مشاركتهم الواسعة في المجلس ولأن بعضهم أقل تعليماً أو دراية في كثير منها حسب ما أفدن. حيث اشارت "هبة محاجنة" عضو مجلس قروي الساوية انها من خلال التواصل مع الحكم المحلي من جهة وانخراطها في شبكة العضوات التدريبية وتبادل الخبرات من جهة أخرى، استطاعت ان تثبت وجودها ودورها المميز والذي جعلها تتبوأ المقعد الثالث في قائمة 2017 وعن قناعة القائمة في حين انها وُضعت خامسا في الترتيب في انتخابات عام 2012 عن طريق اتصالات عائلية.
في هذا السياق لا بد من الاشارة الى ان هذه التجارب الناجحة للمرشحات والفائزات في الانتخابات السابقة حيث عقدت؛ أثبتت أحقية وقدرة المرأة على تولي تلك المواقع المتقدمة في مراكز صنع القرار ليس كعضوة فقط بل كرئيسة للهيئة المحلية ومسؤولة يُعتمد عليها في كافة اللجان المتخصصة والحيوية المتعلقة بعمل المجلس، فمنهن من وصلت إلى رئاسة البلدية أو المجلس القروي وكثيرات منهن ترأسن وبجدارة عدد من اللجان المختصة من ضمنها المالية والعلاقات العامة والتخطيط والبناء والتنظيم، وعلى سبيل المثال لا الحصر فان 76% من عضوات المجالس المحلية شاركن في لجان الإسناد الخاصة بجائحة كرونا وكن من المتميزات في الجهد والعطاء. مما يدل على خبرة وتجربة مهمة في العمل تحت الضغط وفي حالة الأزمات.
حقائق وبراهين - غير معترف بها
من جهة اخرى، فإن الاعتراف بالقدرة والكفاءة والأحقية تدركه المرأة والمؤسسات النسوية وبعض شرائح واطياف من المجتمع الفلسطيني والفصائل، ولكن للاسف ما زال الاعتراف المجتمعي الكامل منقوص بتنكر اوساط واسعة من المجتمع عن قصد أو غير قصد وعدم معرفة، نتيجة العُرف السائد والثقافة والتقاليد الموروثة، مما يجعل عملية التغيير المنشودة وكانها تراوح في المكان. حيث ما زالت النظرة لتجارب نجاح العضوات في المجالس المحلية نجاح لشخوصهن وحالاتهن الفردية ترتد ايجاباً على صاحباتها نتيجة بعض ميزاتهن ومواصفاتهن الشخصية او تحصليهن العلمي، وليس نجاح وإقرار بكفاءة النساء واعتراف كامل دون تمييز أو تخصيص بدورها في العمل العام بشكل عام، فيما يتم تعميم إخفاق بعض العضوات او قصورهن كدليل على إخفاق وعدم أهلية المرأة في العمل العام، بينما ينظر لنجاحات الرجال او اخفاقاتهم بالعكس تماما، النجاحات ترتد على الرجال عامة والفشل يرتد على صاحبها، علما أن حالات الفشل التي تستدعي حلّ المجالس المحلية أو استقالتها الجماعية نتيجة مشكلاتها المستعصية أو القصور في أداء مهامها يعود في الغالب إلى الخلافات الحزبية او العائلية او الشخصية التي ينخرط فيها الأعضاء الذكور فيما بينهم، بشكل أوسع.
بالمقابل أشارت معظم المشاركات في اللقاء من عضوات المجالس المُنتخبات في دورة 2017، انهن لمسن الاحترام والانسجام والتقدير من قبل باقي أعضاء المجلس ولا سيما الرؤساء، نظراً لالتزامهن وجديتهن وتميزهن في العمل والمهام وإبداء المُلاحظات والأفكار لخدمة الصالح العام، ولم يشعرن بمحاولات إقصاء أو تهميش او استخفاف إلا ما ندر، وعلى أساس من الغيرة والتنافس، مما يعكس تراجع هذه الظواهر تدريجيا قياساً بالأعوام والدورات السابقة التي تم فيها رصد الكثير من ظواهر التهميش ومحاولات الاستبعاد حتى للتجارب المميزة. وفي هذا السياق تذكر "تغريد الناجي" عضو بلدية "العوجا" انها رفضت سياسة التوقيع من البيت او سياسة شاوروهن وخالفوهن السائدة في اشارة منها الى عدم الأخذ برأيها في قضية عامة حول تلوث المياه بسبب معمل لاحد رجال الأعمال في منطقة نفوذ البلدية والذي أثبتت التجربة صحة موقفها بعد تكبد البلدية خسائر بسبب ابقائه.
ولعل اعتزام كثيرات منهن خوض التجربة مرة اخرى بشروط أفضل ومطالبتهن بمواقع متقدمة غير نمطية دليل على تعزز ثقتهن بانفسهن وتأكيد على كفاءة المراة واهمية الدور وتاثيره الايجابي في مواقع صنع القرار، إضافة الى تشجيعهن ودعوتهن للمزيد من النساء لخوض التجربة في الترشح للوصول الى المواقع القيادية التي من حقها وتستحقها. وهذا ما عبَّرت عنه "زهيرة ابو السعود" عضو مجلس قروي بورين لدورتي 2012 و2017 بالقول:"لن اترشح لدورة ثالثة لانني أرغب في ان أرى كفاءات نسائية اخرى تخوض التجربة من اجل تعزيز الحضور النسوي القيادي بعيدا عن الشخصنة". كما ان ظهور قوائم نسائية محضة في جميع المحطات الانتخابية بعد إقرار التمثيل النسبي، وان جاءت كظاهرة احتجاجية، دليل على روح التحدي والاصرار على انتزاع الحق وترسيخه.
دروس وعبر
استنادا الى تجارب المشاركة المتتابعة التي خاضت ولا تزال المرأة الفلسطينية فيها ميدان الترشح والعضوية والعمل في الهيئات المحلية الفلسطينية انتظاما وبدءً من مرحلة التعيين الشكلية والمحدودة جدا، الى الدورات الثلاث اللاحقة، واستنادا للمتابعات التي قامت بها وزارة الجكم المحلي ومنتدى النوع الاجتماعي في الحكم المحلي والمؤسسات المجتمعية والنسوية المتخصصة، من تدريبات ولقاءات خلال الفترة الماضية، نستطيع الاشارة الى الحقائق التالية:
- ان التجربة اثرت الى حد ما في تغيير النمط السائد حول المشاركة النسائية واصبحت من الامور المسلم بها قانونيا، وزادت من تقبل المجتمع لوجود المراة ودورها الهام والنوعي، حيث اشارت معظم العضوات الى ان القوائم المرشحة اصبحت تتوجه للناشطات النسويات بطلب الانضمام لعضويتها ليس فقط من باب الالتزام بالقانون ولكن استنادا لحضورها السابق في المجلس ونشاطها من خلاله في أوساط المجتع، إضافة ان كثير منهن يتطلعن الى خوض التجربة مرة اخرى كدليل على الثقة بالنفس والكفاءة والخبرة التي تولدت وتنامت من التجربة السابقة. وهذا ما اكدته "أمل سلامة" عضو مجلس قروي دير صلاح عن دورة 2017 حيث قالت "لقد كنت وبشهادة الجميع "دينامو" المجلس القروي وخاصة اننا شكَّلنا مجلس ظل من السيدات وان اختياري لخوض التجربة مرة اخرى دليل على التاثير التي أحدثته تجربتي ودعم النساء لي".
ولم يعد ترتيب المرأة في القوائم الانتخابية يقتصر على المركز الخامس والعاشر، كما كان يعتمد وفق الفهم المغلوط او النمطي السائد عند تشكيل القوائم من باب الالتزام الشكلي بالقانون ( تكملة عدد) بل اصبحت تنافس على المراكز المتقدمة استناداً الى حضورها المجتمعي وكفاءتها العلمية والعملية، حيث افادت "ناريمان دويكات" عضو سابق مجلس قروي بيتا سابقا انها في مشاركتها الثانية طالبت بان تدرج في المركز الثاني او الثالث وتم الاستجابة لطلبها إقراراً بأحقيتها وكفاءتها بعد التجربة الأولى التي حصلت على العضوية فيها بالتزكية. كما لم يعد دورها محصورا في تسلم لجان محددة دون غيرها بعد ان خاضت غمار ترؤس عدة لجان متخصصة ومؤثرة كالمالية والهندسية والمشاريع وذات التماس مع الجمهور، اضافة الى وصولها لرئاسة عدد من البلديات والمجالس القروية. حيث أفادت بعض العضوات المُستطلعات ان تلك المهام صقلت الى حد كبير تجربتهن وطورت من خبراتهن وابرزت حضورهن المميز: "شاركت في كافة اللجان ولم اشعر بنفس الاقصاء، لكن التجربة ما زالت غير كافية رغم انها مفيدة، ومن الافضل اعادتها مع استمرار التدريب والدعم" هذا ما قالته "لينا بياع طافش" عضو بلدية بيتونيا.
- بينت التجربة ان المتابعة والاسناد والتدريب والارشاد لها اثر كبير في تحسن اداء الاعضاء اناثا وذكورا، وانه اذا كانت الثقافة ومستوى التعليم، اضافة الى الوضع الاجتماعي للافراد هي الميزات والخطوات الاولى لوضع الشخص المناسب في المكان المناسب بغض النظر عن الجنس والدين والنسب العشائري، فان الخبرات العملية والمشاركة الفعلية واكتساب المعرفة هي المكمل الطبيعي لهذه الميزات ولمواصلة تلك الخطوات، اذا ما توافرت الشروط الموضوعية والذاتية والبيئة المناسبة لهذا العمل او ذاك، فهذه ليست اعمال جسدية مناسبة او غير مناسبة ليبرر البعض رفضه لهذه المشاركة، كما انها ليست بعكس تيار الاختلاط الموجود اصلا في مراحل التعليم وميادين العمل الاخرى والوظيفة العمومية بما فيها الوظائف الادارية في المجلس المحلي ذاته، بل هي اعمال ادارية مجتمعية تحكمها المَلَكات والإمكانيات القيادية المكتسبة، وتقاس الكفاءة فيها بالإستناد الى الخبرات وليس العضلات. الامر الذي أشارت له "رانية الطويل" عضو مجلس قروي دير ابزيع بالقول: "إن تجربتي العملية ومشاركتي في حلقات التدريب والدورات قد طورت من خبرتي، ودفعتني الى الترشح ثانية استناداً الى محبة الناس وقناعتهم وفي الترتيب الثالث في القائمة.
- ان قرار الاستمرار بالعمل بنظام "الكوتا" والتمثيل النسبي ورفع نسبة مشاركة النساء إلى 30% على طريق المساواة الكاملة والطبيعية ما زال ضرورياً، لوصول النساء الى حقوقهن وعضويتهن في مراكز صنع القرار، كون وجود الكوتا يشجعهن على الترشح والتنافس في الانتخابات، والدليل على ما نذهب إليه، ارتفاع عدد المرشحات في المرحلة الثانية من انتخابات 2005 من 50 إلى 152 مرشحة فور إقرار الكوتا، وارتفعت نسبة الترشيح الى 26% في انتخابات 2012 و2017، اضافة الى انها أدت الى الحد نسبياً من المنع والاستثناء العشائري والذكوري لهن. حيث ذكرت العديد من المرشحات انه لولا وجود الكوتا لما اقدمن على الترشح.، كما قالت "رانية جاسر" عضوة بلدية بيرزيت لدورتي 2012 و2017: "نحن بحاجة الى استمرار نظام الكوتا وتطويرها ورفع نسبتها"، علما انه مع وجود الكوتا المنصوص عليها في القوائم المتنافسة لانتخابات 2017 فقط فازت 308 عضوة بواسطة الانتخاب فيما حازت على العضوية 377 عضوة بواسطة الكوتا والتزكية.
تحديات وعقبات - غياب الحياة الديمقراطية وتنامي النفوذ العشائري
على الرغم من مجمل التطورات الايجابية والنجاحات المشار اليها، الا انه ما زال هناك الكثير من العقبات والمؤثرات السلبية التي تعترض عملية المشاركة السياسية للمرأة ونيلها حقوقها المتساوية والفرص المتكافئة في مراكز صنع القرار، سواء في عملية الوصول اليها أو المشاركة الفاعلة والمريحة فيها، حيث لا زالت المرأة الفلسطينية في الدوائر والهيئات القيادية في كثير من المؤسسات والاتحادات والهيئات ومنها المجالس القروية والبلدية تتعرض للضغوطات والمعيقات، بدءا من التشكيك باهليتها ومرورا بالتضييق والتمييز والاجحاف وصولا الى التنمر والاقصاء ولاسباب متعددة أبرزها:
- استمرار تعطيل الحياة الديمقراطية الفلسطينية وغياب وتغييب الهيئات التشريعية واستمرار الانقسام وضعف وتراجع هيبة السلطة وتاثير القوى والفصائل وتدني درجة الثقة بها. الامر الذي القى بظلاله على مجمل الأوضاع بما فيها انتخاب الهيئات المحلية التي تم تأخيرها وعدم الانتظام في عقدها بشكل دوري وشامل، أو تجزئتها وعقدها على مراحل، وتعطيلها في كثير من المناطق والهيئات، واستسهال الغاء نتائجها، وانتهاج سياسة التعيين التي لا تُطبق فيها الكوتا النسائية من جهة، وحرمان نسبة كبيرة من الشعب الفلسطيني من ممارسة حقهم الديمقراطي من جهة اخرى، مما يعني حرمان المرأة وإهدار الفرص في تحسين تواجدها ولعب دورها المأمول في كثير من الهيئات وتدني نسبتها. حيث لم تجري الانتخابات في هيئات قطاع غزة سوى مرة واحدة (2004-2005)، مع استثناء بلديتي غزة وخانيونس التي لم تجري فيها اية انتخابات منذ 1976، وليس من المتوقع اجراؤها في الدورة الحالية (2020-2021) بسبب الانقسام.
- استمرار وتنامي النفوّذ العشائري والبعد العائلي ولاسيما في قبول او رفض ترشيح المراة للانتخابات وحتى في كيفية ممارسة دورها في حالة الفوز بالعضوية والتحكم في مسالة بقائها او استقالتها، "فالعشائر بدها بصيمة" كما قالت "تغريد الناجي". ووصل الأمر الى تعطيل اجراء الانتخابات في عدد من الهيئات المحلية بسبب اشتراط وجود النساء فيها، حيث تم توثيق عدم ترشيح 35 مجلساً قوائم بسب عدم تقبل إدراج المرأة فيها، فضلا عن عدم السماح في عديد الدوائر مشاركة المرشحات في الحملات الانتخابية والدعاية والتواصل مع الجمهور. فقيمة الانتخابات لا تقتصر على التشكيل وإدراج المرشحات في القائمة، بل في جملة الأعمال والمهام والأنشطة في الطريق إلى يوم الاقتراع، فالأمر لا يقتصر على استبعاد المرأة من تشكيل القوائم والتفاوض على ترتيب مواقعها في القائمة والتشاور في البرنامج الانتخابي للقائمة، إنما تُحْرم من فرصة المشاركة في الدعاية الانتخابية، حيث لا يمكنها غالباً عقد الاجتماعات والتواصل مع الناخبين وشرح البرنامج الانتخابي وأهمية دور المرأة في الحكم المحلي. لقد تم رصد في كافة الانتخابات منذ 2004 حتى الحالية 2021 عملية حجب صور المرشحات تساوقاً مع الثقافة العشائرية. رغم أن الفرق في نسب التسجيل والتصويت الذي تشير اليه الاحصاءات والمائل لصالح الرجال بنسبة بسيطة (48%-42%) سببه التقاليد والقيود العشائرية والعقلية الذكورية التى تمنع المرأة من حقها بالتصويت استمرارا لعهود سابقة وتقاليد بالية عفى عليها الزمن، حيث لا زال قرار ترشح المرأة وخاصة في المناطق الريفية والمجالس القروية هو قرار عائلي وعشائري ولو بحده الادنى الاسري ولكن الزامية الكوتا والتجربة ساعدت على جعل التفهم الاسري لترشح المرأة ومن ثم عضويتها من جهة، ومن جهة اخرى استطاعت المرأة من تجيير فرصة الموافقة، ولو كانت قسرية بفعل إلزامية القانون، لصالحها بفضل حضورها وتميزها العلمي والاجتماعي واثبات نجاحها وتفوقها ومبادراتها، خاصة وان معظم القوائم في هذه المناطق تفوز بالتزكية.
- ذات الامر ينطبق على استمرار العقلية والمنطق الذكوري في التحكم في عملية ترشح المرأة وترتيب مواقعها في القائمة الانتخابية، أو دورها وحضورها لجلسات المجلس في حالة فوزها بعضويته، سواءا في تحديد مواعيد الجلسات بما لا يتلاءم مع ظروفها أو تجاهل تبليغها بها أو تأخيره. الى جانب عدم تزويدها بجدول الاعمال قبل الجلسات وبالطبع استثناءها من الكولسات والحوارات والتوافقات المقتصرة على الاعضاء عادة. افادت "ابتسام جلامنة" عضو بلدية جنين ان ترشحها بداية لانتخابات 2017 جاء من خلال القرعة حيث استدعيت ومرشحات اخريات لتحديد ترتيبهن بالمواقع 5 و10 و15 في القائمة المعدة سلفا من قبل الذكور، وما كان مطلوباً منهن سوى اختيار ورقة من ثلاث ليحدد الحظ موقع كل منهن في القائمة.
- عدم رفع الكوتا الى نسبة 30% رغم مرور أكثر من 6 سنوات على اقرارها من قبل المجلس المركزي والوطني الفلسطيني وتبنيها من قبل القوى السياسية. إن التردد الرسمي رغم الوعود الكثيرة حتى ما قبل انتخابات 2017 ومحاولات المساومة عليها من نمط التمييز الجغرافي والقائمة المفتوحة، من خلال اقتراح التحول إلى نظام القائمة المفتوحة ورفع الكوتا في الهيئات المصنفة أ و ب وابقائها على حالها في الهيئات المصنفة ج، يُعبر عن الانحناء أمام تعاظم نفوذ القوى العشائرية المتصاعدة، مما يثير المخاوف من امكانية الارتداد عن هذا انجاز تخصيص حصة مضمونة للمرأة بحجة انه كان اجراءا مؤقتا في ظروف معينة، واتخاذه قبل زوال الاسباب والدواعي التي ادت الى اقراره والتي ما زالت قائمة، وعدم الاقرار بالايجابيات والتطور في رفع فاعلية المجالس المحلية والاستغلال الامثل للموارد البشرية المعطلة.
الفرص المهدورة
- إهدار فرصة تعيين 500 عضوة على الأقل في المرحلة التي استمرت حول 6 سنوات لو تم متابعة تعميم وزارة الحكم المحلي في حينه بما ساهم في اعتياد المجتمع على مشاركة المرأة في الحكم المحلي.
- الفرصة المهدورة في قطاع غزة وتفويت إجرائها ثلاث دورات انتخابية بما أخر تجربة النساء في غزة عما وقع في الضفة الغربية من تطور المشاركة النسوية وتعويد المجتمع على وجودهن، وترسيخ الوعي الجمعي حول مشاركة النساء في هيئات الحكم المحلي بما يتماثل مع التجربة المسجلة في المحافظات الشمالية.
- تأجيل الانتخابات التشريعية فرصة مهدورة أمام صعود 39 عضوة الى المجلس التشريعي بما يستوعب تشكيل كتلة حرجة في الهيئة التشريعية تقوم بنسج التحالفات بما يمكن من إقرار رفع الكوتا في قانون الانتخابات المحلية.
- الفرص المهدورة تعود بالتاريخ إلى أول انتخابات محلية جرت تحت الاحتلال في عام 1976 لدى امتناع النساء عن الترشح تحت عنوان أولوية دعم قوائم منظمة التحرير في مواجهة روابط القرى، وكأن التوجه يفترض وجود المرأة خارج المنظمة أو يضعفها على عكس الواقع الذي يؤكد انضواء. النساء تحت راياتها
مخرجات وتوصيات
نعلم ان هذه الورقة تنشر حقائق ومعلومات وقضايا وأمثلة، بعضها عام ومكرر، ونوردها هنا من باب التذكير والتنبيه الى بطء وتلكؤ أصحاب القرار والواجب في الاستجابة للمطالب، وكضرورة لتحفيز وتطوير أداء المنظمات النسوية والمؤسسات الرسمية والأهلية ومنظمات المجتمع المدني والقوى والفصائل بهدف السعيْ إلى حماية تلك المكتسبات المتحققة على صعيد حقوق المرأة والسعي الى المراكمة والبناء عليها؛ من خلال تقديم مقترحات عملية لتعديل القوانين ذات الصلة بالحكم المحلي لصالح تعزيز التجربة وزيادة المشاركة وتحسين الاداء النسوي فيها من خلال:
- مواصلة النضال النسوي بشكل رئيسي والمجتمعي بشكل عام من اجل استعادة الوحدة الوطنية وانهاء الانقسام وخلق البيئة الديمقراطية المناسبة في كافة مناحي الحياة، وفي مقدمتها تعزيز قيم المساواة والعدالة في المجتمع من اجل تطبيق حقيقي للنصوص المدونة في المرجعيات وفي مقدمتها وثيقة الاستقلال. بما يتطلبه ذلك من إبداع في الآليات العملية لتحقيق هذه الاهداف.
- تعزيز دور النساء وعملهن في المطالبة بإشاعة الحياة الديمقراطية الفلسطينية وخاصة التشريعية والوطنية العامة بما له من إثر كبير في تشريع وترسيخ القوانين المنصفة للمرأة والتقدم بها ومنع الانقلاب عليها تحت اية ظروف أو مبررات.
- زيادة الجهود على كافة المستويات من أجل رفع الكوتا النسوية الى نسبة ال 30% كخطوة باتجاه تحقيق المساواة التامة والوصول بالتجربة إلى مداها المرجو في ترسيخ القناعة المجتمعية وتقبل مشاركة المرأة العامة ولدى الجهات المسؤولة على حد سواء بان الكفاءة لا علاقة لها بالجنس والتطور والتقدم يحتاج الى طاقات الجميع.
- الضغط من اجل موائمة البيئة في المجالس المحلية بما يتناسب مع مهامها وبما يحقق مشاركة جميع اعضائها وعضواتها في تحمل المسؤولية على قاعدة الكفاءة والخبرة والتخصص، وهذا ينطلب تكثيف الدورات التدريبية المشتركة لجميع الأعضاء والعضوات في آليات صنع القرار وصقل الخبرات للجميع على قدم المساواة، وعلى قاعدة التكامل لخدمة المجتمع مع التركيز على المناطق الريفية.
- تكثيف وتوسيع دائرة ونوعية التدريبات وحملات الاسناد للمرأة في المشاركة السياسية والعامة وتوخي إدماج الأعضاء في تلقي التدريب كمتطلب لعضوية الهيئات المحلية إلى جانب التركيز على التوعية المجتمعية حول حقوق المرأة وتعزيز قيم المساواة.
خاتمة
لا شك ان استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية على قاعدة برنامج وطني واجتماعي واضح ومتكامل وترسيخ قيم الديمقراطية والعدالة والمساواة هي المدخل العام لاستعادة ثقة الشعب الفلسطيني بنفسه وبمؤسساته الجمعية، واعادة الوعي بتاريخه العريق من خلال تسليط الضوء على تجاربه الناصعة ومن ضمنها مكانة ودور المرأة الفلسطينية وتضحياتها في العمل الوطني وصون الهوية والثقافة الفلسطينية ومواصلة عطائها خدمة لوطنها وشعبها، وانها لن تقبل التفريط والالتفاف على ميثاقه ووثيقة استقلاله التي تتحدث عن قيم الديمقراطية والحرية والكرامة والعدالة والمساواة، ولا يمكنها ان تسمح او تتسامح في سلب دورها في بناء مؤسسات الشعب والمجتمع. بالمقابل عليها عدم القبول بالانتقاص من مكانتها ونكران جميلها وعدم القبول بحجب صورتها من إعلانات الدعاية الانتخابية وحصر طاقتها وتنميط حضورها استسلاما وتسليما لرياح متطرفة عابرة. وإن شعارها من الآن وصاعدا سيكون: مع كلّ عظيم امرأة.