بيت النجارة للنساء... يمكن سيدات في محافظة الخليل من اقتحام مهنة كانت حكراً على الرجال
بيت النجارة للنساء" يمكن سيدات في محافظة الخليل من اقتحام مهنة كانت حكراً على الرجال"
لم تمنع الأفكار السائدة في محيط نهاية شحاتيت، الخريجة الجامعية الطموحة والعاطلة عن العمل من قرية البرج في الخليل، وزميلات لها من منافسة الرجال في عملٍ كان حكراً عليهم طوال السنوات الماضية، لتصبح واحدة من أوائل النساء اللواتي اقتحمن عالم النجارة.
انضمت الشحاتيت لمجموعة تعاونية تضم نساء من ست قرى من محافظة الخليل بالإضافة إلى البلدة القديمة حيث يقع أحد مقار جمعية العمل النسوي لتأسيس وإطلاق مشروع "بيت النجارة للنساء"، والذي يعد أحد قصص نجاح الجمعية التي تعمل على حشد الطاقات للدفاع عن حقوق النساء السياسية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى العمل على تمكين المرأة اقتصادياً.
وتتعاون الجمعية مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة على كسر القوالب التقليدية التي تحد من عمل المرأة في مجالات عديدة من خلال البرنامج الإقليمي المشترك "تعزيز العمالة المنتجة والعمل اللائق للنساء في مصر والأردن وفلسطين" الذي تنفذه الهيئة بالتعاون مع منظمة العمل الدولية بدعم من حكومة السويد والوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي (سيدا).
وتعتبر النجارة من المجالات الذكورية التي نجحت الجمعية من تمكين النساء من اقتحامها من خلال الشحاتيت وزميلاتها اللواتي قمن بتأسيس مشروع "بيت النجارة للنساء" الذي يعمل على نظام العمل التعاوني، حيث تخصص المشروع في مجال صناعة الألعاب التربوية وأثاث الحضانات والروضات ومراكز ذوي الاحتياجات الخاصة.
تقف الشحاتيت على طاولة خشبية، تمسك بيديها مقص الأخشاب... تنظر بثقة وهي تقول: "كانت بدايتي مع جمعية العمل النسوي كغيري من النساء، متطوعة في العمل النسوي. وهنا كانت البداية في صقل شخصيتي وتطويرها".
وتقول بأن وجودها في الجمعية مكنها من الحصول على معرفة بالحقوق، وتحديداً حق العمل للنساء، "حيث تمكنت من التعرف على نصوص اتفاقية سيداو، وعلى توجه المنظمات المحلية والدولية النسوية في تشجيع النساء للخروج من الحيز الخاص للحيز العام والعمل، وتحديداً ماهية العمل اللائق والظروف الواجب توفرها لذلك، وكيفية توحدنا كنساء لكسر الصورة النمطية عن عملنا وأن هذا ممكن وذاك غير ممكن، لأنه مخصص للرجال".
تقول بأنها تمكنت هي وسيدات أخريات من البدء في التدرب على إنتاج ألعاب تربوية من الخشب لتناسب سن رياض الأطفال. ومن هنا برزت إلى أرض الواقع فكرة بيت النجارة للنساء الذي تشاركت من خلاله مع المجموعة بالفكرة والتنفيذ والتسويق.
تعتبر الشحاتيت من الشخصيات دائمة التفكير والعمل على تطوير سماتها الشخصية... ولا تعترف بأية صعوبات والتي تعتبرها خطوة للوصول إلى الهدف النهائي، فتقول: "لا بد للنساء اللواتي لديهن احتياجات ومواهب أن يسعين لتلبيتها واستغلالها من خلال مشروع صغير ليكبر أوعمل ضمن مجموعة تعاونية، بعد ذلك تنجح، وهذا لا يحتاج إلا لاتخاذ قرار".
وعلى الرغم من اعتباره من الكثيرين أمراَ غريباً لامرأة أن تقتحم مثل هذا المجال، إلا أن الشحاتيت استطاعت التغلب على كل تلك الصعوبات لتحقيق فكرة من خارج الصندوق. فتقول: "خضت وما زلت تجربة رائعة لا مثيل لها، فعلى الرغم أنني أحمل شهادتين في تخصص إدارة الأعمال وعلم النفس، إلا أنني وجدت نفسي وشخصيتي في بيت النجارة، وبالاضافة إلى ذلك أحقق دخلا ماديا جيدا".
استطاعت شحاتيت مجابهة التحديات التي واجهتها وذلك بفضل إرادتها وعزيمتها ومساندة عائلتها لها، إذ تقول: "يعود الفضل لوالدتي وعائلتي بشكل خاص وإلى جمعية العمل النسوي بشكل عام، عبر ندواتها للتوعية بأهمية دور المرأة في العمل. فحالياً وبعد أن تعرض مقر الجمعية وبيت النجارة لاقتحام من قبل الاحتلال الاسرائيلي ومصادرة بعض مواكنه وتعطل المشروع، بحثت عن عمل واشتغلت، حيث أتولى حالياً منصب رئيس قلم في دائرة سلطة الأراضي".
وتردد قائلة: "من المؤسف أن العادات والتقاليد في معظم الأحيان تأتي ضد إشراك المرأة في العمل العام وفي صناعة القرار وخصوصاً في مجتمعنا الشرقي. ولكنني وبفضل من الله وجدت كل الدعم المعنوي من عائلتي ومحيطي المقرب".
ورغم توقف مشروع بيت النجارة إلا ان الشحاتيت تعتبره نقطة تحول في حياتها، حيث تقول بكل ثقة: "مشروع النجارة والعمل ضمن فريق في جمعية العمل النسوي وتكريس العمل التعاوني والفرح بتسويق منتجاتنا لرياض الاطفال وتأمين دخل لزميلاتي ولي، وبدعم من محيطي المقرب والخروج للعمل بالفضاء العام مكننى من الوصول للعمل الوظيفي والمشاركة المجتمعية، إذ إضافة إلى وظيفتي حصلت على عضوية مجلس محلي في قرية البرج (في محافظة الخليل)، حيث تم هذا ضمن نظام قائمة تزكية، بالإضافة لعضويتي في مجلس إدارة جمعية العمل النسوي".
وبالنهاية تقول: "أطمح للوصول إلى مناصب أعلى للتأثير في الرؤية والعمل على إشراك النساء في المجتمع وقضايا النساء الاخرى.. سأعمل دائما على دعم النساء من حولي. فعلى الرغم من أن السيدات الفلسطينيات قطعن خطوات في عالم الأعمال والمشاريع والزراعة وحققن إنجازات ونجاحات ملموسة في مجال المشاركة الاقتصادية، إلا أنه ما زال هناك الكثير من العوائق المجتمعية التي ما زلت أنا وغيري نحارب من أجل إزالتها من محيطنا".