دراسة تحليلية حول حقوق المرأة، الانقسام وحل النزاعات

ملخص تنفيذي

تناولت الدراسة بالتحليل، حقوق النساء في ضوء الانقسام السياسي في فلسطين، مستندة إلى أربعة محاور رئيسة، عملت من خلالها على تقديم رؤية تحليلية لواقع النساء في ضوء حالة الانقسام وهي: الإطار الاستراتيجي للقرار الأممي 1325 في المشهد الفلسطيني، وأزمة المشاركة السياسية والكوتا النسائية في الحالة الفلسطينية، والعدالة الانتقالية في اتفاقيات المصالحة الفلسطينية، واتفاق إسطنبول 2020 للمصالحة الفلسطينية، وإعلان الجزائر 2023، ودور المرأة في مفاوضات المصالحة. الدراسة عملت على رسم المشهد السياسي الفلسطيني، مع إبراز المعوّقات والعقبات التي تعترض المشاركة الفاعلة للنساء في فلسطين، ولقد توصلت الدراسة إلى جملة من النتائج كان أبرزها الحاجة الماسّة فلسطينيا إلى إجراء مراجعة للأجندات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بشكل شمولي مع خطة العمل الوطنية للقرار 1325 نتيجة للقصور في الوصول إلى نُظُم حماية آمنة وفعالة ومستدامة تساهم في دمج النساء في الحيّز العام.

كما أن ثنائية الاحتلال والانقسام، ساهمت بشكل كبير في تغييب المرأة سياسياً، وذلك بفعل حالة التعطيل التي ضربت بعمق تطور التجربة الديمقراطية الفلسطينية. إضافة إلى منظومة القيم الذكورية والأبوية السائدة في المجتمع الفلسطيني باعتباره جزءاً من المجتمع العربي، حيث الثقافة المجتمعية المغلّفة بالموروث الثقافي بما يشمل من عادات وتقاليد، وبنى عشائرية وأبوية، تنظر للمرأة بنظرة فوقية استعلائية وإقصائية، وتحصر أدوارها في الدور الإنجابي، وتعمل على تنميط حياة النساء، إضافة إلى تراجع الفكر الحداثي لدى البنى الحزبية باختلاف مشاربها الفكرية.

 أما على مستوى العدالة الانتقالية، فقد توصلت الدراسة إلى أن الفهم الفلسطيني للعدالة الانتقالية لاتزال تغلّفه النّزعة القبليّة، وحتى اللحظة، لا يتوفّر لدى الفرقاء الفلسطينيين مسار قانوني واضح للعدالة الانتقالية، أو أن كل ما تمخض خلال مفاوضات المصالحة منذ العام 2008 وحتى الآن، هو مسار توافقي تم الاتفاق فيه، في أكثر من مرة، على تعويض الضحايا وإغلاق كافة ملفات الخلافات بين الفرقاء في الحالة الفلسطينية، بما يعني تغييب المحاكمات، والاكتفاء بجبر الضرر، من خلال مصالحة مجتمعية تقوم على طيّ الماضي دون محاسبة أو مساءلة من قاموا بالانتهاكات، سواء خلال أحداث حزيران الدامي  في 2007، وما تلاه لاحقاً من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في فلسطين، الأمر الذي يؤشر إلى أنّ الفهم القانوني للعدالة الانتقالية مفقود في الحالة الفلسطينية.

أما في محور اتفاقيات المصالحة ودور المرأة فيها، فلا ترى الدراسة أن هناك فارقاً بين ضعف المشاركة السياسية للنساء، وضعف التمثيل والحضور النسوي في مفاوضات المصالحة، إلا أن هذا الحضور الضعيف يؤشر بشكل أساسي إلى تأثّر الهيئات القيادية للأحزاب السياسية بالثقافة السائدة، بدرجة كبيرة، وبخاصة فيما يتعلق بجدارة المرأة بتحمل المسئوليات والأعباء على قدم المساواة مع الرجل، وضعف عملية التجديد داخل الأحزاب، وتحكّم الرجال بالمناصب القيادية العليا؛ ما يضعف مشاركة المرأة وتأثيرها في عملية صنع القرار. يضاف لذلك غياب الإرادة السياسية لدى صانع القرار الفلسطيني تجاه مفهوم التشاركية، حيث تم تغييب المجتمع المدني عموما عن غالبية مفاوضات المصالحة ولقاءات الحوارات، بما فيها تغييب النساء والشباب بشكل واضح وجليّ.

 

 

وأخيرا توصلت الدراسة إلى جملة من التوصيات والمطالب التي حددتها من الفاعلين/ الفاعلات في المشهد الفلسطيني، سواء على المستوى الرسمي مثل الحكومة الفلسطينية، والأحزاب السياسية، أو المستوى غير الرسمي، مثل مؤسسات المجتمع المدني. وكانت أبرز التوصيات على النحو التالي:

  • مطالبة الحكومة الفلسطينية بتوطين القرار 1325 في بنية القوانين والتشريعات الفلسطينية، وأن تتبنى السياسات العامة الفلسطينية القرار 1325 ضمن أجندة عملها، وتطوير الإجراءات واللوائح بما يتناسب مع القرار. والتزامها بمراعاة الكوتا النسائية في تعيين المحافظين/ات، والقضاة/ القاضيات، والسفراء/السفيرات، وفي الهيئات المحلية بنسبة لا تقل أيضا عن (30%). إضافة إلى إصلاح المؤسسة القضائية وحماية استقلالها، حيث هناك حاجة ملحّة لتضافر كافة الجهود من أجل إصلاح النظام القضائي في فلسطين، ومراجعة نظام تعيين القضاة/ القاضيات للحرص على استقلاله، وبما يعزز مكانته ويزيد من ثقة المواطن/ المواطنة به.

 

  • مطالبة الأحزاب السياسية بتبني القرار 1325، ضمن أجندتها الحزبية، من خلال إتاحة الفرصة لتقديم نماذج نسائية في مواقع صنع القرار، وذلك لتغيير الصور النمطية للمرأة والسائدة في الحالة الفلسطينية. وكذلك منح النساء أدوار متقدمة في صياغة وتنفيذ استراتيجية الأحزاب. وباعتماد الكوتا النسائية في الهيئات القيادية العليا لديها بنسبة لا تقل عن (30%)، كما أقرّها كلاً من المجلس المركزي الفلسطيني وكذلك المجلس الوطني الفلسطيني، وإعادة تفعيل لجنة المصالحة المجتمعية ولجنة الحريات العامة والاستجابة لتوصياتهما والتي نص عليها اتفاق القاهرة 2014 [1]، لحماية المواطنين والمواطنات من التعرّض لأي شكل من أشكال الانتهاك، وللتأسيس لمرحلة جديدة من حماية الحقوق والحرص عليها. وضرورة أن تتضمن ملفات المصالحة السعي للوصول إلى عقدٍ اجتماعيٍ يستند إلى فكرة المواطَنة، وإقرار حقوق المرأة في المشاركة السياسية، استناداً إلى وثيقة الاستقلال ووثيقة حقوق المرأة الفلسطينية المُقَرّة من جميع أطياف الحركة النسوية في فلسطين.

 

  • توصي الدراسة مؤسسات المجتمع المدني بضرورة نشر الوعي المجتمعي بالقرار 1325، وتدريب النساء لاكتساب مهارات المساءلة المرتبطة بالقرار، وعقد دورات متخصصة في صقل قدرات النساء والفتيات، وخصوصا الحزبيات منهن، في مهارات القيادة والتفاوض، والعمل السياسي، وغيرها من المهارات الأساسية المطلوبة لتعزيز مشاركة النساء في الحياة السياسية. وتشجيع إجراء البحوث حول معايير إدراج النوع الاجتماعي في العدالة الانتقالية، في ضوء خصوصية الحالة الفلسطينية، وإطلاق مبادرة للحركة النسوية، بأُطرها ومنظماتها الشعبية والأهلية، تؤسس لحراك شعبي سلمي ضاغط، ودعمه، تحت عنوان النساء قادرات على استعادة الوحدة وترتيب البيت الفلسطيني الداخلي وضمان الحريّات.

 

[1] - وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا): "البيان الصادر عن لقاء وفد منظمة التحرير الفلسطينية، مع حركة حماس لإنهاء الانقسام وتنفيذ اتفاق المصالحة الوطنية 23/4/2014”، أرشيف وثائق المصالحة الفلسطينية الموقع الإليكتروني: https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=20135

 

There is an attachment
attach_fileAttachment