يُسرى عويضات

يُسرى عويضات، أم منتصر، 53 عاماً، من قرية الشيوخ في محافظة الخليل ورئيسة جمعية الشيوخ التعاونية للثروة الحيوانية الإنتاجية، أُم لولدين وثلاث بنات. نشأت أم منتصر يتيمة الأب والأم، في مجتمع تحكمه عادات وتقاليد تُقيد حرية المرأة والفتيات. فلم تُكمل تعليمها الابتدائي، ولم تستطع التواصل مع الفتيات والشابات في نفس جيلها. أمضت شبابها وفترة المراهقة في منزل أقاربها، لم تكن تعرف القراءة والكتابة، حتى قررت الخروج والتواصل مع المجتمع، وتحدي كل العقبات التي كانت تواجهها.

 

بدأت يُسرى التردد على الجمعيات، والتعرف على زميلات أخريات يواجهن نفس التحديات، التحقت بدورات عديدة، أكسبتها معارف ومهارات واتجاهات كانت تفتقدها، كقوة الشخصية والقيادة والتعلم بالتجربة والاتصال والتواصل وحل الصراعات وغيرها من المهارات التي كانت لها أثر كبير، ونقلة نوعية في حياتها الاجتماعية والعملية والمجتمعية. تقول عويضات: "التحقت بنادي نسوي الشيوخ، ومن ثم عملنا ومجموعة نسوة على تكوين جمعية للتوفير والتسليف. لم يستمر عمل الجمعية طويلاً، وفي عام 2001 قررتُ أنا وخمس سيدات تكوين جمعية تعاونية تخدم النساء المُشارِكات، وتدر دخلاً يساعدنا في إعالة أسرنا".

بدأت عويضات والخمس سيدات الأخريات في فرم وتغليف الملوخية وبعض أنواع الخضار الأخرى، وبيعها او تبادلها مع نساء أًخريات. تقول عويضات: "في عام 2010، وبدعم من جمعيات، قمنا بتسجيل التعاونية بشكل رسمي، بعد مساهمة منا ومن هذه الجمعيات بدفع جزء من رسوم الترخيص المُكلفة، كما قامت إحدى هذه الجمعيات بتزويدنا بـعدد 20 رأس غنم، كُنا 15 سيدة، وبدأنا رحلة العمل التعاوني معاً".

اليوم عدد العضوات في جمعية الشيوخ التعاونية للثروة الحيوانية الإنتاجية 53 عضوة، وتعمل 20 خريجة جامعية بشكل تطوعي في الترويج لأنشطة ومنتجات الجمعية وصفحة الجمعية على الفيس بوك، وذلك بعد ان ألتحقن بدورات تنمية قدرات نظمتها الجمعية التعاونية مع شركائها. بالإضافة الى 9 موظفات أخريات يعملن في الجمعية ضمن برامج صندوق التشغيل الفلسطيني. وبخصوص أنشطة ومنتجات الجمعية التعاونية، تضيف عويضات: "اليوم أصبحنا نملك 18 نقطة بيع رئيسية في مختلف مناطق الضفة الغربية، كما أننا عقدنا العديد من الاتفاقيات السنوية لبيع المفتول، ونقوم بتحضير المفتول لمناسبات الأفراح والمآتم، حيث نقوم بتحضير كمية 100-120 كيلو مفتول أسبوعياً. كما قمنا بالتشبيك مع تعاونيات في عنبتا وسلفيت، نزودهم بكميات المفتول لسد حاجات منطقتهم، ونأخذ بمقابله المقدوس لبيعه في نقاط البيع الخاصة فينا. وقد ساعدتنا جمعية المرأة العاملة بتسويق منتجاتنا بعد الجولة الصُحفية التي نفذتها الجمعية بالتعاون مع أكثر من وكالة إعلامية محلية وإقليمية، كان آخرها فتح خط تسويق لمنتجات الجمعية في الأردن بعد نشر تقرير صحفي عن التعاونية في فضائية رؤيا الأردنية".

كما تقوم الجمعية حالياً بتسويق لبنة بني نعيم في نقاط البيع الخاصة بها، وكذلك بيع بعض منتجاتها في سوق موارس الريفي. كما يقوم خريجات من جامعة بيت لحم ضمن مبادرة خاصة بهم، بشراء كميات كبيرة من المفتول، وتغليفه بطريقة إبداعية وبيعه محلياً وتصديره للخارج.

مؤخراً وخلال عام 2022، شكلت جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية في قرية الشيوخ مجلس ظل، وأصبحت عويضات عضوة مجلس ظل قرية الشيوخ، تقول عويضات عن البرنامج التدريبي وورشات العمل التي عقدتها جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية لعضوات مجلس ظل الشيوخ: "شاركت في دورات مجالس الظل التي عقدتها جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية والتي كان لها الدور الكبير في تعزيز دوري القيادي كرئيسة جمعية تعاونية وصقل المهارات القيادية لدي، وفي كسر النظرة النمطية حول أدوار النساء في المجتمع الفلسطيني. كما ساعدتني هذه التدريبات في تنمية دوري في مجال المشاركة السياسية والمجتمعية".

وتضيف عويضات: "بالطبع كل قصة نجاح ورائها العديد من التحديات والصعوبات، ففي حالتي وخصوصا أنني أقطن في مجتمع قروي تحكمه العادات والتقاليد، لم يكن من السهل فيها توجيه النساء نحو المشاركة في اللقاءات والتدريبات التي عقدها مجلس الظل ثم باقناعهن بضرورة وأهمية الاشتراك في انتخابات البلدية وأن يكن طرفاً في صنع القرار". كانت تذهب عويضات لعائلات وأزواج السيدات حتى تقوم بإقناعهم السماح لبناتهم وزوجاتهم حضور الدورات والورشات وايضاً المشاركة في الأنشطة المجتمعية التي ينظمها مجلس الظل وجمعية الشيوخ التعاونية.

تؤمن عويضات أن المرأة هي أساس المجتمع ولا يمكننا غض النظر عن أهميتها في العملية السياسية والمجتمعية والمشاركة في صنع القرار, تقول عويضات: "كرئيسة جمعية تعاونية افتخر بمساعدتي الكثير من النساء على كسر الحاجز التقليدي الذي فرضه عليها المجتمع، والخروج إلى بيئة العمل وصقل الشخصية وتنمية المهارات".

حالياً وبعد المنزلة المجتمعية التي وصلت لها في المجتمع، تطمح يُسرى عويضات أن تُمثل قريتها بشكل رسمي في المجتمع عن طريق المشاركة في الانتخابات التشريعية أو انتخابات الهيئات المحلية،  حتى تتمكن من تلبية جميع احتياجات نساء قريتها، وحتى تستطيع المساهمة في سن قوانين تضمن مشاركة النساء سياسياً واجتماعياً، وفي مقدمتها قانون الضمان الاجتماعي. تقول يُسرى: "أحلامي لا تتوقف وطموحاتي لا تنتهي, أطمح أن أصل يوما الى المشاركة في الانتخابات التشريعية او المجالس المحلية، والى توسيع نطاق عمل الجمعية على جميع المستويات، وأمل أن نصل يوما الى مرحلة تكون فيها مشاركة النساء في العمل السياسي لا تقل عن مشاركة الرجل واعتقد أننا بالعمل المتواصل في هذا الاتجاه سنصل لا محالة".

يأتي توثيق هذه القصص للنساء بهدف تعميم تجاربهن في مجال المشاركة السياسية ضمن حملة المناصرة والتوعية على مشروع تعزيز المشاركة السياسية للمرأة وزيادة تأثيرها"، الذي تنفذه جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، بتمويل من حزب الوسط السويدي CIS.

 

يوجد ملف مرفق
attach_fileتحميل الملف