النساء الفلسطينيات يرفعن الصوت: المشاركة السياسية للنساء الفلسطينيات حق أصيل، والدعم المجتمعي واجب وضرورة ملحة

النساء الفلسطينيات يرفعن الصوت: المشاركة السياسية للنساء الفلسطينيات حق أصيل، والدعم المجتمعي واجب وضرورة ملحة

رام الله، 27 آب 2025 

في مشهد حواري وطني حمل الكثير من الزخم، انعقد اللقاء الوطني الموسع بعنوان “أولويات النساء الفلسطينيات ارتباطًا بالمشاركة السياسية للمرأة بالتركيز على مستجدات الانتخابات المحلية”، بتنظيم جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية وبمشاركة واسعة من قيادات نسوية وحقوقية وأعضاء وعضوات مجالس محلية وظل، إلى جانب ممثلات وممثلين عن المجتمع المدني والأحزاب السياسية، وسط حضور جماهيري عكس الاهتمام الكبير بقضايا المرأة الفلسطينية ودورها المحوري في الحياة العامة. 

اللقاء جاء في إطار سعي متواصل إلى توسيع مساحة الوعي المجتمعي بقضايا النوع الاجتماعي، وتعزيز حضور النساء في مواقع صنع القرار، وإثارة نقاش جاد حول الدور المنتظر من المجتمع المحلي، أفرادًا ومؤسسات، في دعم هذه المشاركة وتحويلها إلى قوة فعلية على الأرض. 

في بداية اللقاء، عُرضت نتائج استطلاع رأي وطني نفذته جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، كشفت عن مؤشرات لافتة تعكس إدراكًا متناميًا لدى المجتمع المحلي بأهمية التمثيل السياسي للنساء؛ إذ اعتبر 87% من المستطلَعين والمستطلَعات أن المشاركة السياسية للمرأة حق أساسي وضرورة وطنية، وأكد 77% استعدادهم/ن للتصويت لمرشحات مؤهلات، فيما شدد 67% على ضرورة وضع النساء في المراتب الأولى داخل القوائم الانتخابية. كما أيد 59.7% الإبقاء على كوتا نسوية لا تقل عن 30%، في حين طالب 63% بضرورة إشراك النساء في مفاوضات تشكيل القوائم الانتخابية. هذه النسب، التي عرضها محمود الفقي، مدير الاتصال والتطوير في جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، أمام المشاركات والمشاركين، من بين نسب عديدة اخرى، قوبلت بتأكيد أن الأرقام تحمل رسائل سياسية واجتماعية عميقة لا بد أن تُترجم إلى ممارسات حقيقية بعيدًا عن الشكلية والمجاملات، وتتطلب مضاعفة الجهود لزيادة الدعم المجتمعي للنساء الفلسطينيات. 

 ريما نزال، عضو الأمانة العامة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، قدّمت قراءة نقدية للنتائج، شددت فيها على أن الكوتا ليست منّة، بل حق مكتسب يجب أن يُطبق دون مماطلة، مشيرة إلى قرار المجلس المركزي بتخصيص 30% من مواقع صنع القرار للنساء. وأكدت أن صانع القرار ما يزال يراوغ في هذه القضية، خصوصًا في ظل النقاشات حول مسودة قانون الانتخابات المحلية الجديد التي لا تعكس حتى الآن الحد الأدنى من العدالة في التمثيل. 

أما عارف جفال، منسق الائتلاف الأهلي للانتخابات، فقد أثار النقاش بقوله: "كم نحن بحاجة للتحضير للانتخابات؟"، قبل أن يوجّه انتقادًا لمسودة القانون الجديد، مبينًا أن المجتمع المدني والأحزاب رفعوا أكثر من أربعة آلاف ملاحظة لصناع القرار، لم يُؤخذ منها سوى ملاحظتين فقط. وأوضح أن القانون بصيغته الحالية لا يلزم الناخبين والناخبات بالتصويت لامرأة، وأن نسبة تمثيل النساء فيه لم تتجاوز 26%، أي أقل من الحد الأدنى المقرر. وأكد أن المسودة ليست منصفة لا للنساء ولا للشباب والشابات، محمّلًا الحكومة ولجنة الانتخابات المركزية المسؤولية عن تعزيز المشاركة السياسية وضمان نزاهتها. 

 النقاشات الحية التي تلت المداخلات الرئيسية زادت من زخم اللقاء، إذ تساءل المشاركون والمشاركات عما إذا كانت الانتخابات المقبلة ستُجرى بالفعل وفق مسودة القانون الجديد، وما إذا كان الناخبون والناخبات سيكونون ملزمين بانتخاب مرشحة. وقد أكدت منال وهدان، عضو مجلس ظل عين عريك، أن الفجوات في القانون يجب أن تُواجَه بضغط منظم من المجتمع. فيما شددت نبيلة رازم، عضو مجلس ظل رافات، على ضرورة أن يتمتع المرشحون والمرشحات بالكفاءة والمهارات القيادية، وليس فقط التحصيل العلمي. واعتبر محمد بزار، عضو المجلس البلدي في سردا/أبو قش، أن المشكلة تكمن في ضعف الوعي الرسمي والمجتمعي بقضية تمثيل النساء، داعيًا إلى مضاعفة الجهود لتغييره. أما فريدة معروف، عضو مجلس ظل عين قينيا، فقد تحدثت عن التهميش المستمر لدور النساء في المجالس القروية والبلدية، مشددة على أن حضورهن يجب أن يكون فاعلًا وحقيقيًا، وأن المرشحات المقبلات بحاجة إلى وعي كامل بالعملية الانتخابية وأدوارهن المجتمعية. 

اللقاء خرج بجملة من التوصيات الجريئة، أبرزها الدعوة إلى إدخال تعديلات جوهرية على مسودة قانون الانتخابات المحلية بما يكفل عدالة التمثيل، وضمان تثبيت الكوتا النسوية بنسبة لا تقل عن 30% مع آليات ملزمة لتقدم النساء إلى المراتب الأولى داخل القوائم. كما أوصى بتمكين النساء المرشحات عبر التدريب والتأهيل والدعم الإعلامي واللوجستي، وتعزيز الشراكات بين المؤسسات النسوية والمجتمع المدني لتشكيل جبهة ضغط وطنية قادرة على إحداث تغيير حقيقي. وجرى التأكيد على أن الإعلام يجب أن يكون منصة لمناصرة النساء في مواجهة الخطاب التمييزي، وأن المجتمع بحاجة إلى حملات توعية متواصلة تقنع الناخبين والناخبات بأهمية انتخاب النساء ودعم حضورهن السياسي. بالإضافة الى التأكيد على ضرورة البناء على نتائج الاستطلاع لرفع الوعي المجتمعي بقضايا النوع الاجتماعي والمشاركة السياسية للنساء وزيادة الدعم المجتمعي والبيئة المحيطة للنساء. 

بهذا اللقاء، الذي جمع بين الأرقام والآراء والتجارب الميدانية، برزت رسالة واضحة مفادها أن المرأة الفلسطينية ليست على هامش العملية السياسية، بل في قلبها، وأن مشاركتها الكاملة شرط لا غنى عنه لبناء مجتمع ديمقراطي عادل يعكس تضحيات النساء وأدوارهن التاريخية. 

تم تنفيذ هذا اللقاء ضمن أنشطة مشروع “توسيع المشاركة السياسية للمرأة وزيادة تأثيرها في المجتمع الفلسطيني”، الذي تنفذه جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية بالشراكة مع المؤسسة الدولية لحزب الوسط السويدي (CIS) وبتمويل من الوكالة السويدية للتنمية الدولية (سيدا).