جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية تعقد جلسة إلكترونية حول "قانون الأحوال الشخصية الذي نريد" ضمن حملة 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة
رام الله – في إطار فعاليات حملة الـ 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة "حملة صدى" وضمن منصة الحوار المجتمعي، عقدت جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، يوم الاثنين الموافق 1 كانون الأول 2025، جلسة حوارية إلكترونية موسعة بعنوان "أي قانون أحوال شخصية نريد؟". وشهدت الجلسة مشاركة فاعلة لأكثر من 50 ممثلاً وممثلة عن مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني ومجالس الظل النسوية، إضافة إلى نخبة من المحامين/ات والقادة السياسيين/ات، وذلك لبحث المسودة الحالية لتعديل قانون الأحوال الشخصية وآخر المستجدات المتعلقة بها.
وانطلقت الجلسة، التي أدارتها السيدة روان أبو غزه، من سؤال مركزي حول ماهية قانون الأحوال الشخصية المنشود، في ظل واقع تشريعي متوقف عن التطوير منذ سنوات طويلة، واستمرار المعاناة الناجمة عن تطبيق قوانين مختلفة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما يفاقم من التمييز ضد النساء. وأكدت الجلسة على الحاجة الملحة لقانون عصري وعادل، خاصة في أعقاب الحرب على غزة وارتفاع أعداد الأرامل والمعيلات والمفقودين، مما يستدعي مراجعة شاملة تراعي هذا الواقع الإنساني الاستثنائي.
واستعرض المستشار القانوني في مؤسسة "الحق"، الأستاذ أشرف أبو حية، المسار الطويل والجدلي لتعديل القانون منذ عام 1998، مشيراً إلى أن المسودة الأولى كانت أكثر تقدماً من اللاحقة. وركّز على ست قضايا جوهرية اتفقت عليها المؤسسات النسوية والحقوقية يجب أن يرتكز عليها أي تعديل ذي معنى، وهي: الاعتراف بالشخصية القانونية الكاملة للمرأة وإنهاء ولاية الرجل على زواجها، ورفع سن الزواج والحد من الاستثناءات، وجعل الطلاق قضائياً لوقف التعسفي والغيابي منه، وإعادة تنظيم الحضانة وفق معايير واضحة لمصلحة الطفل الفضلى، والاعتراف القانوني بالأموال المشتركة بين الزوجين وحماية حقوق المرأة المالية، وتقييد تعدد الزوجات.
وأشار أبو حية إلى إشكالية رئيسية في المسودة الحالية، كون أكثر من 90% من نصوصها منقولة حرفياً من القانون الأردني لعام 2019، دون "فلسطنة" حقيقية تأخذ في الاعتبار تعقيدات الواقع الفلسطيني الخاص، كاختلاف المذاهب المعمول بها والظروف الاجتماعية والجغرافية. كما حذّر من استمرار مفاهيم بالية مثل الولاية على المرأة البالغة، واتساع نطاق الاستثناءات في سن الزواج، وإغفال تنظيم الأموال المشتركة.
وسلطت المشاركات من مؤسسات المجتمع المدني الضوء على جملة من التحديات، حيث أشارت السيدة روان غزاوي إلى حالة "التكتّم الحكومي" وغياب الشفافية حول صياغة المسودة الحالية. بينما أكدت السيدة سوسن صلاحات أن المسودة لا تقدم نهجاً تشريعياً جديداً ينصف المرأة، ولا تعالج بشكل كاف القضايا الحرجة التي تفاقمت في قطاع غزة، مثل حالات النساء المفقودات والأطفال مجهولي النسب ومخالفات نظام الأسر البديلة. وطالبت بتحديد معايير واضحة لمفهوم "مصلحة الطفل الفضلى" في قضايا الحضانة.
من جانبها، ناقشت السيدة سمر هواش الإشكالية الأساسية المتعلقة بطبيعة القانون المرجو: أهو مدني أم ديني؟ مؤكدة أن العديد من التعديلات المطلوبة لا تتعارض مع الدين، وأن هناك محاولات من جهات محافظة لتضخيم هذا التناقض. كما انتقدت ضعف التشاور الحقيقي بين الحكومة والمؤسسات، وحالة "التعتيم" التي تصاحب العملية التشريعية تحت ذريعة الحفاظ على السلم الأهلي.
وتطرقت المداخلات إلى إشكاليات تطبيقية عديدة، حيث طرحت السيدة عبير الكيلاني أسئلة نقدية حول جدوى منح الطفل البالغ 15 عاماً حق اختيار الحاضن، وحق الأم التي تتزوج من آخر في الحضانة، وآلية حماية حق المرأة في المال الذي ساهمت به في الأسرة دون أن يسجل باسمها. كما أشارت السيدة إكرام من جمعية طوباس الخيرية إلى تفاقم ظاهرة زواج القاصرات في محافظتها، داعية إلى معالجة صارمة للاستثناءات المتعلقة بسن الزواج.
وفي ختام الجلسة، فُتح باب النقاش لبلورة التوصيات، حيث أجمع المشاركون والمشاركات على أن المسودة الحالية، رغم سدها لبعض الثغرات الإجرائية، تبقى غير كافية. وشدّدوا على ضرورة إدخال تعديلات جوهرية تلبي احتياجات النساء الفلسطينيات وتواجه التحديات المستجدة، ولا سيما تلك التي برزت بشكل حاد خلال الحرب على غزة. كما أشاد الحضور بدور وزارة شؤون المرأة في توفير مساحة للحوار، معربين عن أملهم في أن تؤخذ ملاحظاتهم ومطالبهم بعين الاعتبار بشكل فعلي خلال المراحل القادمة من الصياغة التشريعية.