أصوات شبابية تساهم في إعادة رسم خريطة المشاركة السياسية في فلسطين
رام الله، فلسطين – 30 نوفمبر 2024
اختتمت جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية (PWWSD) مبادرتها الإعلامية الشبابية التي انطلقت في الأول من نوفمبر واستمرت طوال الشهر، والتي هدفت إلى تعزيز مشاركة الشباب والنساء في الحياة العامة وإيصال مطالبهم إلى صناع القرار. جاءت هذه المبادرة في سياق التحضيرات للانتخابات المحلية المقبلة، وشكلت منصة حقيقية للشباب والشابات للتعبير عن آرائهم وتطلعاتهم نحو نظام انتخابي أكثر عدالة وشمولية.
ركزت الحملة على مجموعة من القضايا الجوهرية المتعلقة بتطوير النظام الانتخابي وتحقيق العدالة في التمثيل، حيث دعت إلى تخفيض سن الترشح للانتخابات المحلية إلى 21 عامًا لتمكين الشباب من المشاركة الفعلية، ورفع نسبة الكوتا النسائية إلى 30% كحد أدنى لضمان التمثيل العادل، إضافة إلى تخفيض رسوم الترشح لإزالة العوائق المالية أمام الفئات المهمشة. كما دعت المبادرة إلى الإبقاء على نظام القائمة المغلقة والتمثيل النسبي لتعزيز العمل الجماعي وضمان وصول النساء إلى مواقع متقدمة في القوائم الانتخابية.
تناولت المبادرة أيضًا أهمية إشراك النساء والشباب في عمليات تشكيل القوائم الانتخابية والتفاوض على تركيبتها، مع التأكيد على ضرورة مكافحة العنف الانتخابي وحماية المرشحات من التهديدات والمضايقات. كما شددت على أهمية تعزيز الشفافية والنزاهة في جميع مراحل العملية الانتخابية، ورفض الممارسات التمييزية مثل استبدال أسماء وصور النساء برموز خلال الحملات، إلى جانب الدعوة لاعتماد التكنولوجيا الرقمية لتسهيل المشاركة وضمان الرقابة الفعالة.
وتأتي هذه المطالب منسجمة مع نتائج استطلاع الرأي الذي أجرته الجمعية، والذي شمل 330 مشاركًا ومشاركة من مختلف المدن والفئات العمرية. أظهر الاستطلاع أن 87% من المشاركين يعتبرون المشاركة السياسية للمرأة حقًا أساسيًا أو ضرورة ملحة، فيما أبدى 77% استعدادهم للتصويت لمرشحات مؤهلات. كما أظهرت النتائج أن 67% يؤيدون شغل النساء لمواقع متقدمة في القوائم الانتخابية، بينما أكد 63% ضرورة إشراك النساء في مفاوضات تشكيل القوائم. كشف الاستطلاع أيضًا عن دعم واسع للحفاظ على حصة النساء بنسبة لا تقل عن 30%، ورفض قاطع للممارسات التمييزية في الحملات الانتخابية، وهو ما يعكس تطورًا ملحوظًا في الوعي المجتمعي ويؤكد أن المجتمع الفلسطيني مستعد لمشاركة سياسية أكثر شمولية وعدالة.
خلال فترة المبادرة، تم إصدار قرار بقانون رقم 23 لعام 2025 بشأن الانتخابات المحلية، وعلى إثر ذلك حدد مجلس الوزراء موعد إجرائها في 25 أبريل/نيسان 2026. ورغم تحفظات منظمات المجتمع المدني على بعض بنود القانون، الا ان هذه الخطوة تمثل تقدمًا مهمًا نحو تلبية بعض المطالب التي رفعها الشباب والنساء خلال الحملة. ومع ذلك، تؤكد الجمعية أن هناك مسارًا طويلاً لا يزال أمامنا لتحقيق مشاركة عادلة وشاملة، وتلتزم بمواصلة العمل مع الشركاء والجهات الرسمية لضمان تطبيق الإصلاحات المطلوبة، بما في ذلك رفع الكوتا النسائية، وتخفيض سن الترشح، وتوفير بيئة انتخابية آمنة وخالية من التمييز.
تستند جهود الجمعية إلى مجموعة من المرجعيات المحلية التي تعزز المساواة بما فيها القانون الأساسي الفلسطيني ووثيقة الاستقلال، والالتزامات الدولية التي تؤكد على الدور المحوري للنساء والشباب في بناء السلام والمشاركة السياسية بما فيها قرار مجلس الأمن 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن، الذي يضمن حماية النساء وإشراكهن في عمليات صنع القرار، وإلى القرارات الأممية الخاصة بالشباب، وأبرزها القرار 2250 لعام 2015 الذي يعد أول إطار دولي يركز على دور الشباب في السلم والأمن، والقرار 2419 لعام 2018 الذي يشدد على ضرورة إشراك الشباب في مفاوضات السلام والعمليات السياسية، والقرار 2535 لعام 2020 الذي يدعو إلى وضع استراتيجيات وطنية لدعم مشاركة الشباب وحمايتهم من التهميش. كما تتماشى المبادرة مع إطار عمل الأمم المتحدة للشباب 2030 الذي يربط بين مشاركة الشباب وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك المساواة والتعليم والعمل اللائق.
وفي ضوء ما نتج عن هذه المبادرة ونتائج الاستطلاع، توصي الجمعية بضرورة استكمال الجهود لرفع نسبة الكوتا النسائية إلى 50% في كافة هياكل صنع القرار، وضمان وجود النساء في المراتب الثلاث الأولى ضمن القوائم الانتخابية، وتوفير دعم مالي ولوجستي للمرشحات لتمكينهن من خوض الانتخابات بفعالية. كما تدعو إلى إطلاق برامج تدريب شاملة لتطوير القيادات النسائية والشبابية في مجالات الخطابة العامة والتواصل الفعال، والتفاوض ومهارات بناء التحالفات، والتعامل مع الإعلام وإدارة الحملات. إضافة إلى ذلك، تشدد الجمعية على أهمية إطلاق حملات توعية مجتمعية لمواجهة الأدوار النمطية وتعزيز ثقافة المساواة، وإصلاح الهياكل الداخلية للأحزاب السياسية لضمان إدماج حقيقي للنساء والشباب في مواقع صنع القرار، وتطوير آليات رقابة فعالة لضمان الالتزام بالمعايير الديمقراطية.
تجدد جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية التزامها الراسخ بدعم الشباب والنساء والعمل على تعزيز حضورهم في مواقع صنع القرار. نؤمن بأن المشاركة السياسية الشاملة ركيزة أساسية لبناء مجتمع ديمقراطي قائم على العدالة والمساواة، ومتسق مع المعايير الدولية التي تضع فلسطين في موقع ريادي إقليميًا. إن نجاح هذه المبادرة والاستجابة الإيجابية من المجتمع تؤكد أن التغيير ممكن عندما تتضافر الجهود، وسنواصل العمل بلا كلل مع جميع الشركاء والجهات المعنية حتى تصبح المشاركة العادلة والشاملة واقعًا ملموسًا في مجتمعنا.
جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية هي مؤسسة نسوية حقوقية تسعى إلى تحقيق المساواة بين الجنسين ومناهضة جميع أشكال التمييز والعنف القائم على النوع الاجتماعي. تركز الجمعية على ضمان الوصول العادل للموارد والمشاركة الفعالة للنساء في عملية التنمية. كما توفر الجمعية الدعم النفسي، الاجتماعي، والقانوني للنساء، وتسعى إلى تمكينهن وتشجيع مشاركتهن في المجالات السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية.