جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية تعقد المؤتمر الوطني الحقوقي-شمولية المشاركة السياسية والحماية للنساء والشابات الفلسطينيات... معًا نصنع التغيير

جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية تعقد المؤتمر الوطني الحقوقي-شمولية المشاركة السياسية والحماية للنساء والشابات الفلسطينيات... معًا نصنع التغيير
يوجد ملف مرفق
attach_fileتحميل الملف

رام الله - 11 تشرين الثاني 2025

نظّمت جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية يوم الثلاثاء 11 تشرين الثاني 2025 في قاعة الغرفة التجارية بمدينة رام الله المؤتمر الوطني الحقوقي تحت عنوان "شمولية المشاركة السياسية والحماية للنساء والشابات الفلسطينيات... معًا نصنع التغيير"، بهدف تعزيز المشاركة السياسية للنساء الفلسطينيات في ظل الأوضاع الراهنة، وتأكيد حقهن في الحماية استنادًا إلى قرار مجلس الأمن 1325 وقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي بشأن وضع النساء الفلسطينيات تحت الاحتلال.

جاء انعقاد المؤتمر، الذي تزامن مع الذكرى الخامسة والعشرين لاعتماد أجندة المرأة والسلام والأمن وقرار مجلس الأمن رقم 1325، في سياق وطني وإنساني معقد تشهد فيه فلسطين حرب إبادة جماعية متواصلة على قطاع غزة، ما جعل قضايا النساء الفلسطينيات، وعلى رأسها حقهن في العدالة والحماية والمشاركة، في صدارة الأولويات خلال هذه المرحلة الحرجة. وشارك في المؤتمر أكثر من 110 مشاركة ومشارك من عضوات مجالس الظل والمجالس المحلية، وناشطات شابات، وأعضاء منتدى النوع الاجتماعي في الحكم المحلي، إضافة إلى مرشحات محتملات للانتخابات المحلية القادمة، وممثلين وممثلات عن مؤسسات حكومية وأهلية ومنظمات مجتمع مدني، وقادة سياسيين ومجتمعيين.

 افتُتحت الجلسة الأولى للمؤتمر، الذي أداره الإعلاميان الشابان مصطفى القط وبراء عماد، بالنشيد الوطني وبالوقوف دقيقة صمت وقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء والشهيدات. وتضمنت الجلسة كلمات افتتاحية للأستاذة حنان بنورة، رئيسة جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، التي أكدت على دور الجمعية التاريخي في تمكين النساء ورفع وعيهن بحقوقهن وتعزيز حضورهن في مواقع القيادة، ودعت إلى توحيد الجهود الوطنية لحماية النساء الفلسطينيات في ظل حرب الإبادة الجماعية المتواصلة على قطاع غزة. كما تحدثت السيدة بثينة سالم، وكيلة وزارة شؤون المرأة، عن الجهود الحكومية في تطوير السياسات والتشريعات لضمان المساواة والعدالة الاجتماعية، مشددة على أن التمكين الاقتصادي هو المدخل الأساسي لتعزيز المشاركة السياسية للنساء. أما الأستاذة سناء شبيطة، ممثلة شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، فقد تحدثت عن الدور المحوري الذي تلعبه مؤسسات المجتمع المدني في تعزيز المشاركة السياسية الشاملة للنساء والشابات، وحاجتهن للحماية من خلال بناء القدرات، والمناصرة، وتوفير مساحات آمنة للتعبير والمشاركة. وأكدت أن الحماية والمشاركة مساران متكاملان يعززان العدالة الجندرية والصمود الوطني، داعية إلى تعزيز القيادة النسوية في مواقع صنع القرار وتفعيل المساءلة الدولية تجاه انتهاكات الاحتلال. كما تخللت الجلسة الأولى عرضًا لفيلم "الثورة الهادئة من الظل إلى النور" الذي وثّق تجارب مجالس الظل كنموذج لتمكين النساء محليًا.

 

وشهد المؤتمر في جلسته الثانية نقاشات معمقة حول المشاركة السياسية للنساء، حيث قدّمت الأستاذة تحرير الأعرج، مديرة مؤسسة مفتاح، رؤية شاملة حول أولوية تعزيز المشاركة السياسية كفعل مقاوم يومي يحمي الأرض والهوية، خاصة وأن النساء الفلسطينيات يقمن بدور محوري في اللجان الشعبية والمبادرات المجتمعية والإغاثة، ويحوّلن العمل اليومي إلى فعل سياسي مقاوم بامتياز. بينما شددت الأستاذة سناء زكارنة، الناشطة النسوية والسياسية، على ضرورة إجراء انتخابات عامة ورئاسية لتجديد الشرعية الوطنية، معتبرة أن تمكين النساء سياسيًا هو أساس التغيير المجتمعي. وبدوره تناول الأستاذ طالب عوض، الخبير القانوني، وعضو منتدى النوع الاجتماعي في الحكم المحلي، واقع النظام الانتخابي الفلسطيني وضرورة إصلاحه لضمان تمثيل أوسع للنساء والشباب في المجالس المنتخبة، وأكد على ضرورة استمرار الضغط الجدي لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمحلية، مع ضمان أن يكون للمرأة دور أكبر بالترشح وزيادة نسبة تمثيلها على القوائم، وتعزيز دور الشباب والشابات فيها. كما شهدت الجلسة الثانية عرض شهادات حيّة لعدد من النساء القياديات اللواتي قدّمن تجاربهن في مواقع صنع القرار ضمن المجالس المحلية ولجان الطوارئ ومجالس الظل، وعبّرن عن الصعوبات التي واجهنها، من القيود المجتمعية إلى نقص الدعم، مقابل الإنجازات التي حققنها في تعزيز الشراكة المجتمعية والعمل التطوعي.

 

وفي الجلسة الثالثة حول الحماية، أطلقت الأستاذة آمال خريشة، مديرة جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، ورقة بحثية أعدتها الجمعية مؤخرا بعنوان "بعد ربع قرن على قرار مجلس الأمن 1325 في السياق الفلسطيني - بين الواقع والطموح"، حيث ركزت الدراسة على أهمية تطبيق قرار مجلس الأمن 1325 وأجندة المرأة للسلام والأمن في السياق الفلسطيني، آخذة بعين الاعتبار الحاجة المستمرة إلى مواءمة الخطة الوطنية للقرار مع الواقع الاستعماري الاحتلالي، وبينت أهمية تعزيز حماية المرأة ومشاركتها السياسية على كافة المستويات، ليس فقط في الانتخابات، بل في صنع القرار وفي الأطر المجتمعية والسياسية المختلفة. وأشارت النتائج إلى أن مشاركة النساء في فلسطين لا تزال ضعيفة بسبب غياب الإرادة السياسية، والانقسام الفلسطيني، والاحتلال المستمر، ما يحتم تعزيز قدرات النساء والشابات عبر التدريب ورفع الوعي بالقوانين والاتفاقيات الدولية، وإقرار قوانين منصفة وعادلة بما فيها قانون حماية الأسرة من العنف، وتفعيل وحدات النوع الاجتماعي في الوزارات. كما أكدت الدراسة أن المرأة الفلسطينية ليست مجرد ضحية، بل قوة فاعلة في السلام والصمود، ويجب استثمار أدوات القانون الدولي والاتفاقيات لحمايتها وتمكينها مع التركيز على دعم النساء في المناطق الأكثر تأثرًا بالاحتلال، وضمان مشاركتها الفاعلة في كل مستويات صنع القرار.

كما تحدثت الأستاذة لونا عريقات عن الالتزامات القانونية المترتبة على القرارين 1325، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي (ECOSOC) الخاص بوضعية النساء الفلسطينيات تحت الاحتلال، مؤكدة أهمية تطوير القوانين المحلية لضمان حماية النساء وتمكينهن في مواقع صنع القرار، كما شددت على أهمية دعم مؤسسات المجتمع المدني وتوفير التمويل الكافي لها خاصة في قطاع غزة. واختُتمت الجلسة الثالثة بشهادات حيّة مؤثرة قدّمتها نساء من مناطق مختلفة في الضفة الغربية، تحدّثن فيها عن معاناتهن نتيجة عنف الاحتلال والنزوح القسري في شمال الضفة، وإغلاق الطرق والبوابات، واعتداءات المستوطنين خصوصًا خلال موسم قطف الزيتون، وما يرافق ذلك من تهديد لأمن النساء وسبل عيشهن.

واتفق المشاركون والمشاركات على أن المشاركة السياسية للنساء ليست ترفًا أو مطلبًا فئويًا، بل هي جوهر العدالة والديمقراطية الحقيقية، مؤكدين أن حماية النساء من العنف الاستعماري والمجتمعي تُعدّ شرطًا أساسيًا لممارستهن حقوقهن كمواطنات وفاعلات سياسيات. كما شددوا على أن وجود النساء في مواقع القيادة وصنع القرار يمثل ضرورة وطنية لتعزيز صمود المجتمع ومقاومته المدنية في وجه الاحتلال.

وخلص المؤتمر إلى مجموعة من التوصيات الهامة، أبرزها ضرورة وقف العدوان على قطاع غزة ورفع الحصار عنه فورًا، وإدخال المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار بمشاركة النساء في الهياكل واللجان التي ستضطلع بهذه العملية، وضمان توفير الحماية للشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة. كما دعا المؤتمر إلى ضرورة العمل الجاد من أجل تعزيز التضامن المجتمعي لمواجهة سياسات الإقصاء والتهميش، بما يجعل المشاركة السياسية للنساء جزءًا من مشروع وطني أشمل لبناء مجتمع فلسطيني متماسك وعادل. وطالب بتحديد موعد واضح لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمحلية وفق القانون الانتخابي القائم، وبما يضمن زيادة تمثيل النساء والشباب في القوائم الانتخابية، وخفض سن الترشح، واعتماد آليات تحفيزية تضمن مشاركة أوسع للنساء في الحياة العامة.

 

 

وشدد المؤتمر على أهمية الإصلاح الحكومي الشامل واعتماد معايير جديدة لإدارة قضايا النساء، بما يشمل إقرار قانون حماية الأسرة من العنف، وتفعيل وحدات النوع الاجتماعي في الوزارات، وإشراك منظمات المجتمع المدني في جميع المسارات المتعلقة بالتحولات الديمقراطية وقضايا النساء، إلى جانب مواءمة الخطة الوطنية لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325 مع طبيعة السياق الاستعماري الاستيطاني الذي يشكل المسبب الرئيسي للعنف ضد النساء الفلسطينيات. كما أكد على ضرورة دعم مؤسسات المجتمع المدني وتوفير الدعم والتمويل الكافي لها، ولا سيما في قطاع غزة، لتمكينها من مواصلة أدوارها في الحماية والمناصرة والتمكين المجتمعي، وتطوير التشريعات المحلية لضمان بيئة قانونية حامية للنساء ومؤمنة بحقوقهن في المشاركة والكرامة.

 

المؤتمر يوجه نداءً عاجلاً للمجتمع الدولي: تفعيل الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة فورًا

في موقف حاسم وواضح، وجّه المؤتمر نداءً عاجلاً وصريحًا للمجتمع الدولي، مطالبًا بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية في وقف جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وبتفعيل الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة فورًا ودون تأخير. وأكد المشاركون والمشاركات أن هذا الفصل يُلزم المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات فورية وملزمة لحماية المدنيين والمدنيات، ومحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها الجسيمة والممنهجة للقانون الدولي الإنساني، وعلى الجرائم الموثقة والمروعة ضد النساء والأطفال في قطاع غزة.

وشدد المؤتمر على أن الصمت الدولي المستمر إزاء هذه الجرائم لم يعد مقبولاً، بل يمثل تواطؤًا صريحًا مع آلة الحرب والإبادة الإسرائيلية، وأن استمرار العدوان على غزة وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية على مرأى ومسمع من العالم يكشف الفشل الذريع للآليات الدولية القائمة في حماية المدنيين وإنفاذ القانون الدولي. ورأى المشاركون والمشاركات أن تفعيل الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يشكل اختبارًا حقيقيًا وحاسمًا لجدية المنظومة الدولية ومصداقيتها في حماية السلم والأمن العالميين، ووقف سياسة الإفلات من العقاب التي تنتهجها إسرائيل منذ عقود طويلة دون رادع أو محاسبة.

وأكد المؤتمر أن النساء والأطفال في قطاع غزة يشكلون الفئة الأكثر تضررًا من هذه الحرب الوحشية، حيث يتعرضون لأبشع أشكال العنف والقتل والتشريد والحرمان من أبسط مقومات الحياة الكريمة، ما يستدعي تدخلًا دوليًا حازمًا وفوريًا يستند إلى الفصل السابع من الميثاق لوضع حد نهائي للانتهاكات الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني، وضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم أمام العدالة الدولية. ودعا المؤتمر جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية والإقليمية، والقوى الحرة في العالم، إلى الضغط من أجل تفعيل هذا البند العاجل، وعدم السماح باستمرار الإبادة الجماعية تحت أي ذريعة أو مبرر.

تضامن كامل ومبدئي مع النساء السودانيات: نضال واحد ضد العنف والحروب

وفي موقف إنساني ونسوي مبدئي، أعلن المؤتمر تضامنه الكامل وغير المشروط مع النساء السودانيات الشقيقات اللواتي يواجهن أهوال الحرب الدموية المستمرة في السودان، لا سيما في الخرطوم ودارفور والفاشر وكردفان، حيث تتعرض النساء والفتيات لأشكال متعددة ومروعة من العنف الجنسي والجسدي، والنزوح القسري، والانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوقهن الإنسانية الأساسية.

وأكد المؤتمر أن الصراع المسلح الدائر في السودان خلّف آثارًا مدمرة وكارثية على النساء والفتيات، اللواتي يجدن أنفسهن بين براثن الفقر المدقع، والعنف المتفشي، وفقدان الأمان الكامل، في ظل غياب شبه تام للحماية والخدمات الإنسانية الأساسية والرعاية الصحية والنفسية. وشدد المشاركون والمشاركات على أن معاناة النساء السودانيات تتطلب استجابة دولية عاجلة وفعالة، تأخذ في الاعتبار الأبعاد الجندرية للنزاع وتأثيراته المختلفة على النساء والفتيات.

ودعا المؤتمر بقوة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والمجتمع الدولي بأسره إلى التحرك العاجل والفوري لوقف النزاع المسلح في السودان، وضمان حماية فعلية وشاملة للمدنيين والمدنيات، والعمل الجاد على معالجة جذور الأزمة بشكل مستدام وعادل يأخذ في الاعتبار البعد الجندري، ويكفل الإشراك الحقيقي والفعال للنساء السودانيات في مفاوضات وقف إطلاق النار، وفي جميع عمليات بناء السلام وإعادة الإعمار، استنادًا إلى مبادئ أجندة المرأة والسلام والأمن، وحق الشعوب في الكرامة والعيش بسلام وأمان.

وشدد المؤتمر على أن معاناة النساء السودانيات تذكّرنا جميعًا بأن النضال من أجل حقوق النساء وحمايتهن من العنف والحروب هو قضية إنسانية عالمية تتجاوز الحدود الجغرافية والسياسية، وأن التضامن النسوي الأممي والعربي يشكل ركيزة أساسية وضرورية في مواجهة العنف والحروب وبناء عالم أكثر عدلاً وسلامًا وأمانًا للجميع. وأكد المشاركون والمشاركات أن النساء الفلسطينيات والسودانيات يشتركن في المعاناة من آثار الحروب والنزاعات المسلحة، وأن تضامننا معهن ليس مجرد موقف رمزي، بل هو التزام أخلاقي وإنساني بدعم نضالهن من أجل الحرية والكرامة والعدالة.

 

واختتم المشاركون والمشاركات أعمال المؤتمر بالتأكيد على التزامهم بمواصلة العمل المشترك على المستويين الوطني والمجتمعي لمتابعة تنفيذ التوصيات، وتعزيز حضور النساء والشابات الفلسطينيات في مواقع صنع القرار، وإعادة الاعتبار لدورهن كقوة تغيير فاعلة في بناء نظام سياسي أكثر عدلاً وديمقراطية. وأكدوا أن النساء الفلسطينيات لسن ضحايا للعنف والاستعمار فحسب، بل هنّ شريكات أساسيات في المقاومة والصمود وصنع مستقبل فلسطيني حر وعادل.