المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية تختتم سلسلة ورش توعوية حول الحقوق والمواطنة والرعاية الذاتية

اختتمت جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية في محافظة نابلس سلسلة من الورش التوعوية خلال شهري آب وأيلول، وذلك ضمن مشروع "تعزيز المشاركة السياسية للمرأة وزيادة تأثيرها"، الذي تنفذه الجمعية بتمويل من المؤسسة الدولية لحزب الوسط السويدي (CIS). وقد تناولت هذه الورش موضوعات متعددة تمحورت حول الحقوق المدنية والسياسية، والمواطنة، والمشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية، وقانون الانتخابات، بالإضافة إلى موضوع الرعاية الذاتية.
أُقيمت الورش في كل من قاعة المجلس القروي في كفر قليل، وجمعية نساء بيتا التنموية، وروضة عراق بورين، وشاركت فيها خمس وخمسون امرأة من عضوات مجالس الظل، وشابات مهنيات، وعاملات وربات بيوت، وممثلات عن مؤسسات المجتمع المدني في مواقعهن المختلفة.
خلال الورش، قدمت المنسقة الميدانية، السيدة صبحية دراغمة، عرضًا شاملاً حول الحقوق المدنية والسياسية، مؤكدة أن المواطنة الحقيقية لا تكتمل إلا من خلال مشاركة المرأة الفاعلة في الحياة العامة وصنع القرار، سواء عبر المشاركة في الانتخابات، أو الانخراط في العمل البلدي، أو الانضمام إلى الأحزاب السياسية والنقابات والمبادرات المجتمعية. وأشارت إلى أن الانتخابات المحلية تُعد ركيزة أساسية لتحقيق العدالة والمساواة، وبناء مجتمع ديمقراطي يضمن تكافؤ الفرص للجميع. وقد أكدت المشاركات على أهمية تعزيز المشاركة السياسية للمرأة باعتبارها دعامة أساسية للنهوض بالمجتمع، وضرورة إزالة كافة التحديات التي تعيق وصول النساء إلى مواقع قيادية، بما في ذلك التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
كما تناولت الورش مفهوم الرعاية الذاتية، بوصفه أداة ضرورية للاستمرارية والقدرة على مواجهة الضغوط المتزايدة، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها المجتمع الفلسطيني. وتم التأكيد على أن الرعاية الذاتية تُعد حقًا وضرورة للحفاظ على الصحة الجسدية والنفسية والعاطفية، وضمان الاستمرار في النضال المجتمعي والسياسي بروح قوية وإيجابية.
وشددت المشاركات على أن تكامل الحقوق المدنية والسياسية مع تعزيز مفاهيم المواطنة والرعاية الذاتية يشكل خطوة متقدمة نحو تمكين المرأة الفلسطينية، وبناء مجتمع أكثر عدلاً ومساواة وقدرة على مواجهة التحديات. كما دار نقاش موسع حول أبرز التحديات التي تواجه المشاركة المجتمعية والمواطنة، ومنها العادات والتقاليد السائدة التي لا تزال تشكل عائقًا أمام انخراط النساء والشباب في الحياة العامة، واستمرار النظرة النمطية لدور المرأة وحصره في الإطار المنزلي، بالإضافة إلى السياسات القمعية التي ينتهجها الاحتلال، والتي تحد من الحريات المدنية والسياسية وتعيق الحراك الشعبي.
اقتصاديًا، أشار الحضور إلى أن ارتفاع معدلات البطالة والفقر يضعف من قدرة المواطنين على المشاركة في المبادرات المجتمعية، في ظل شح الموارد وضعف التمويل، إلى جانب حالة الإحباط النفسي التي تسود شريحة واسعة من المواطنين نتيجة غياب الأثر الملموس لمشاركتهم، مما يقلل من حافزهم للانخراط في الحياة العامة. كما تم التطرق إلى التحديات الخاصة بالنساء، مثل النظرة المجتمعية السلبية تجاه أدوارهن، والضغوط الأسرية والاجتماعية، ومحدودية الموارد المالية، وافتقار بعض النساء للخبرة والتدريب والمهارات الإدارية والسياسية اللازمة للعمل في المجالس المحلية، بالإضافة إلى التمييز والتهميش الذي تتعرض له النساء داخل المجالس، مما يحد من قدرتهن على اتخاذ القرار. كما أُشير إلى ضعف الوعي السياسي بأهمية مشاركة المرأة، مما ينعكس على محدودية الدعم المجتمعي والحزبي المقدم لهن، وعدم التزام الأحزاب السياسية برفع نسبة تمثيل النساء في القوائم الانتخابية، وعدم إدراجهن في المراتب المتقدمة، فضلاً عن الانتهاكات المستمرة من قبل الاحتلال، والتي تشكل تحديًا كبيرًا أمام إجراء الانتخابات وتعزيز المشاركة السياسية في المجتمع الفلسطيني.
وفي ختام الورش، أكدت المشاركات على أهمية تعزيز وعي النساء بأهمية المشاركة السياسية في مراكز صنع القرار، وضرورة رفع نسبة تمثيلهن في الكوتا النسوية، والانخراط في العمل المجتمعي، وبناء قدراتهن في مجالات متعددة، بما ينعكس إيجابيًا على دورهن في المجتمع، ويسهم في تلبية احتياجات مختلف الفئات، وتحسين جودة الخدمات المقدمة في مجالات البنية التحتية والخدمات، والمطالبة بالمساواة في الوصول إلى الموارد والفرص، وتعزيز ثقافة المساءلة والمطالبة بالحقوق، وترسيخ مفهوم المواطنة كمسؤولية ومشاركة فاعلة. كما دعت المشاركات إلى تشجيع النساء والشباب على الانخراط في المبادرات التطوعية والمجتمعية، وتعزيز القدرة على التعامل مع الضغوط والصدمات المجتمعية، ونشر الوعي بأهمية الإسعافات النفسية كخطوة أولى لدعم الذات والآخرين، بالإضافة إلى تمكين النساء اقتصاديًا من خلال مشاريع فردية وجماعية، وزيادة الوعي بقضايا النوع الاجتماعي، وتبني استراتيجيات تضمن التوازن بين أدوار الحياة المختلفة.
وفي هذا السياق، عبّرت كريمة حمدان، عضوة مجلس ظل كفر قليل، عن قناعتها بأن الحقوق المدنية والسياسية ليست امتيازًا يُمنح، بل هي أساس الوجود والكرامة، مؤكدة أن من واجبها كمواطنة أن تمارس هذه الحقوق وتدافع عنها من أجل مستقبل أكثر عدالة ومساواة لأبنائها وبناتها. أما المشاركة تحرير دويكات، فقد رأت أن الكوتا النسوية في الانتخابات المحلية تُعد خطوة على طريق الوصول إلى مراكز صنع القرار، إلا أن الطموح الحقيقي يتمثل في أن ينبع وجود النساء في المجالس من قناعة المجتمع بقدراتهن. من جهتها، أوضحت السيدة كفاية قادوس، عضوة مجلس ظل عراق بورين، أن الورشة فتحت أمامها آفاقًا جديدة للتعامل مع الضغوط النفسية بطريقة صحية، معربة عن امتنانها لما تعلمته من مهارات في مجال الرعاية الذاتية، والتي ستنقلها إلى نساء أخريات. كما أكدت ختام عامر، عضوة مجلس ظل بيتا، أن المواطنة الحقيقية تعني التمسك بالحقوق المدنية والسياسية وممارستها بوعي ومسؤولية، معتبرة أن هذا هو الدور الحقيقي لكل مواطنة.